الثلاثاء، 1 مارس 2016

محمد علي


 
بعد الإنقلاب, كان هناك سؤال يلح عليّ من حين لآخر

لماذا قاوم أجدادنا الاحتلال الصليبي الفرنسي مقاومة شرسة من شارع لشارع وتقاعسوا عن الاحتلال البريطاني, فلم تبدأ المقاومة الا بمعارك القنال في الاربعينات والخمسينات (باستثناء عمليات المقاومة غير المنظمة اثناء ثورة 1919) ؟

لماذا انتظر المصريون كل هذه العقود ليبدأوا مقاومة المحتل البريطاني, بينما بدأوا في مقاومة المحتل الفرنسي منذ اليوم الأول ؟

كانت الإجابة التي توصلت إليها هي حركة التغريب التي قام بها محمد علي

بعد 3 سنوات لملم الفرنسيون أوراقهم وسحبوا جيشهم المنهزم وقرروا الهجوم من الخلف

أخطر انواع الاحتلال, هو الذي يبستم في وجهك بمودة, ويغمز لخادمه ليطعنك من ظهرك

والخادم قد يتسمى بإسم محمد أو توفيق أو جمال أو أنور أو حسني

في النهاية أنت لا تقاوم لأنك تعتقد انك أمام خلاف داخلي

والمحتل الغربي يقف مبتسماً ولسان حاله يقول (هذا صراع داخلي)

قرار المقاومة قد يستغرق سنوات في الحالة الثانية

روح المقاومة كانت مشتعلة لوجود الأزهر

لم تكن المقاومة من أجل مصر وقتها

وإلا لما شارك طلبة الأزهر المغاربة في ثورتي القاهرة الأولى والثانية ولما خاطر الشهيد السوري سليمان الحلبي بنفسه ليقتل السفاح كليبر

كانت المقاومة الشرسة من أجل الإسلام وبالإسلام

المرجل كان ما يزال مشتعلاً

وأدرك رجل فرنسا محمد علي أن قتل روح المقاومة يبدأ بعدة أمور على رأسها اطفاء المرجل المشتعل في الأزهر

فنفى عمر مكرم واخترق الأزهر من الداخل وأوفد البعثات إلى فرنسا واستعان بأشباه حسن العطار لإفساد الأزهر وكان حسن العطار هذا من اوائل من انضموا إلى المحفل الماسوني الذي أنشأه كليبر سنة 1800 ولنا أن نتصور شيخاً أزهرياً ماسونياً

وفي المقابل ارتكب مجازر رهيبة بحق المصريين لإخضاعهم للتجنيد الإجباري
(غير تعاونه الكامل مع فرنسا في غزو الجزائر والجرائم التي ارتكبها مرتزقته في الحجاز والعراق ومهاجمة الخلافة العثمانية من الداخل بالإضافة إلى إنشاء أول مستوطنة لليهود في فلسطين)

وكانت مدافعه تضرب القرى في محاولة لإخماد ثورة الصعيد التي اندلعت ضد التجنيد الإجباري الذي كان اجدادنا ينظرون إليه كسخرة

بالإضافة إلى القضاء على المماليك بدلاً من اصلاحهم وانشاء جيش من المرتزقة

وكانت الخدعة الأكبر التي روج لها, هي أن تقدم مصر لن يأتي الا باعتناق أفكار الغرب, وبينما ارسلت دولاً مثل اليابان بعثات لأوربا للاستفادة من التكنولوجيا الاوربية واحتفظت بشخصيتها الحضارية وديانتها

(ولهذا السبب احتاجت الولايات المتحدة إلى القاء قنبلتين نوويتين على اليابان المحتفظة بهويتها المعتزة بثقافتها, بينما احتاجت فقط في مصر إلى تدبير انقلاب منحته لبعض صبيتها وعملاءها وعلى رأسهم المقبور عبد الناصر ابن حارة اليهود)

تخلى محمد علي تدريجياً عن دين الدولة ودون ان يقول هذا

وسيطر على مراكز صناعة القرار بالأزهر عبر شيوخ متفرنجين منبهرين بفرنسا وبحضارة أوربا, ينقلون عنها افكارها بديلاً عن العقل الاسلامي بدلا من الاكتفاء بنقل تكنولوجيتها والإبقاء على الهوية الإسلامية

وهكذا وبطمس الهوية عن طريق السيطرة على الأزهر, وارتكاب مجازر وحشية (تشابه القاء قنبلتين نوويتين على اليابان) نجح في اخضاع المصريين, واصبحت الثورة شبه مستحيلة حتى حين !

المراجع
كل رجال الباشا
ودخلت الخيل الأزهر
مذكرات موزس مونتيفيوري


#آيات_عرابي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق