الأربعاء، 4 مايو 2016

موضوع بسيط


  كتب فارس العربي
تتضمن السطور القليلة القادمة وقائع فساد خطيرة وتفريط غير مسبوق في ثروات المصريين لصالح كل من هب ودب في الغرب والشرق وذلك فقط من أجل رغبة كبار قيادات النظم العسكرية التى تحكم مصر في رفع حسابات أرصدتهم في بنوك سويسرا وأمريكا وليحترق الوطن بمن فيه .

والحكاية أنه في 1988 أي قبل 28 عاما أعلن نظام مبارك عن توقيع عقود منحت بموجبها امتيازات التنقيب والحفر عن النفط والغاز وكان من نصيب شركة أسبانية تدعي Repsol S.A الفوز بامتياز منطقة شمال الإسكندرية البحري .
وبعد نحو 3 سنوات أعلنت الشركة عن وجود مؤشرات قوية لوجود الغاز في منطقة الامتياز وبكميات كبيرة وهنا وعبر مفاوضات وبمساعدة جهات مصرية تمكنت شركة بريتش بتروليوم ” بي بي ” من شراء الامتياز من الشركة الأسبانية التى كانت حسب عقد الامتياز مع الحكومة المصرية ملزمة بتقديم تقرير عن تطور الاستكشافات في منطقة الامتياز بدليل أنها أفصحت عن كميات هائلة من الغاز في مناطق متعددة ومتباعدة .
لكن – بقدرة قادر – وبشكل يعكس فسادًا غير مسبوق أو التلاعب بالقوانين ، أعفت الحكومة المصرية صاحب الامتياز الجديد وهي الشركة البريطانية ” P P ” من تقديم أية تقارير الا انها ظلت تفرض سيطرتها على منطقة الامتياز ولا يجوز قانونًا التعدي عليها طيلة 28 عاما حتي اليوم .
ولم تكتف الشركة البريطانية بتجاهلها أبجديات الامتياز بتقديم تقارير عن أعمالها ، لا سيما أن الشركة الأسبانية اكتشفت بالفعل غازًا بكميات كبيرة في 4 مناطق بل ضغطت لتغيير بنود الاتفاقية ، وهنا استعانت بأحد المصريين ليتولى إدارتها وهو صديق مقرب من أسرة مبارك وتحديدًا من الزوجة سوزان مبارك التي كانت تحكم مصر فعليًا .
وبعيدا عن تفاصيل كثيرة معظمها تفصيلات فنية انبطح مسئولو قطاع البترول وكان من بينهم سامح فهمي ، ورئيس الوزراء الحالي ؛ لتحظى الشركة البريطانية بحصة 100% من الغاز المكتشف على أن تبيعه بسعر محدد إلى مصر وهو ما أضاع طيلة الـ 28 عامًا أكثر من 32 مليار دولار حسب خبراء مستقلون في قطاع النفط وبناء على تحقيقات تزخر بها الصحف المصرية منذ 2011 .
لكن الشركة البريطانية أخرجت لسانها للقانون وكانت ثمة تحويلات من الشركة إلى أحد حسابات أسرة مبارك تمت بالفرنك السويسري ضمن حساب يضم حتى الآن أكثر من نصف مليار فرنك سويسري .
الشركة البريطانية لم تكتف بضغوطها منذ شراء الامتيار بل أدخلت تعديلات حتى العام الماضي 2015 وكلها لصالحها وخرجت لتطمئننا بأنها سوف تستثمر 12 مليار في المؤتمر الاقتصادي لكنها لم تقترب من منطقة شمال الاسكندرية .
الصفحة الرئيسية للشركة أشارت إلى مناطق امتياز أخرى لكنها تجاهلت منطقة شمال الإسكندرية تحديدا ولم تشر إليها في تحد صارخ للسيادة المصرية وللقانون دون مساءلة من أحد بعدما بلعنا طعم تصريح أحد مسئوليها عزمها ضخ 12 مليار استثمارات .
لقد حرم العسكر مصر والمصريين من ثرواتهم وكانت حصيلة الأموال المهدرة في واقعة فساد واحدة يتجاوز بكثير 32 مليار دولار وهو ما كان كفيلاً بسداد 100% من دويننا الخارجية .
كما أن الخسارة لم تكن في هذا العقد فقط بل للأسف طالت 90% من عقود الامتياز لأنها عقود سرية وهو الإجراء الذى قام نظام السيسي بتقنينه وجعل من حق الدولة التعاقد وعدم الإعلان عن شروط وتفاصيل العقود بزعم حماية الأمن القومي بل تجاوز ذلك بإصدار تشريعات أخرى عبر برلمانه المزيف بمنع أي أحد من الطعن على تلك العقود وغالى في الجبروت بتحصين قرارات الدولة من البرلمان نفسه .
الخسارة لم تأت من بيع الغاز المصري للكيان الصهيوني فقط بل بيع الثروة قبل استخراجها
الغريب أنه رغم كل هذا البيع نشرت الصحف عن ترحيب المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، اليوم الثلاثاء أثناء لقائه برنارد لوني ، الرئيس التنفيذي لقطاع التنقيب والإنتاج بشركة « بريتيش بتروليوم » العالمية، وهشام مكاوي، الرئيس الإقليمي للشركة بشمال أفريقيا ، بحضور المهندس طارق الملا ، وزير البترول بتنامي أنشطة الشركة في مجال الاستكشافات بقطاع البترول والغاز بمصر، مشيدًا بأهمية المشروعات التي تقوم بتنفيذها حاليا ، والتي تلبي احتياجات السوق المحلية ، سواء في المجال الصناعي وخدمة متطلبات المشروعات الخدمية والتنموية العملاقة الجاري تنفيذها والاحتياجات السكانية أيضا، كما تقلل من أعباء الاستيراد، وبما يوفر المزيد من العملات الصعبة .
ولم يرحب فقط رئيس وزراء السيسي بذلك في لقاء مغلق بل خرج السفير حسام القاويش ، المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء، مؤكدا أن مصر شريك استراتيجي للشركة في كل أعمالها خلال المرحلة المقبلة ، معربًا عن التطلع إلى قيام الشركة بضخ المزيد من الاستثمارات وزيادة الاستكشافات في قطاع البترول والغاز ، قال قاويش ذلك ولا نعرف أي شراكة تلك التى تكون من جانب واحد والخاسر فيها جانب واحد لحساب الجانب الاخر .
وبالطبع هذه الأجواء أعجبت تلك الشركة الاحتكارية فقدم برنارد لوني الشكر على ما أسماه التعاون الإيجابي القائم بين الجانب المصري والشركة، موضحًا أن لهم تاريخاً طويلاً من الشراكة المتميزة مع مصر يمتد لأكثر من 50 عاماً ، وأن إجمالي استثمارات الشركة حتى الآن يزيد على 25 مليار دولار، ومنوها بأن 40% من إنتاج مصر من المواد الهيدروكربونية يتم من عمليات الشركة القائمة في خليج السويس والصحراء الغربية ، بالإضافة إلى أعمالها في مياه البحر المتوسط ، ومضيفا أنهم ينفذون أكبر مشروع لإنتاج الغاز في البحر المتوسط بإجمالي استثمارات تقدر بحوالي 12 مليار دولار، وتصل معدلات الإنتاج إلى حوالي 1.2 مليار قدم مكعب غاز يومياً “رغم أن هذا المشروع ثبت كذبه” .
ورغم أننا سردنا نحو 28عاما من سرقة أموال مصر من قبل تلك الشركة بالاتفاق مع العسكر راح « لوني » يؤكد استمرار السرقة بقوله أنه بحلول 2020 ستضاعف الشركة من حجم أعمالها بمصر، لتصبح بذلك مصر هي أكبر متلقٍ لاستثماراتها في العالم، وهو ما سيسهم في زيادة طاقة الإنتاج بالسوق المحلية المصرية، والمساعدة في تلبية احتياجات مصر من الطاقة، كما استعرض الخطط المستقبلية لعمل الشركة بمصر وتطورات أعمالها في حقول الدلتا وحقل «أتول» للغاز بالبحر المتوسط.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق