السبت، 2 ديسمبر 2017

سعد زغلول

سعد زغلول و خيانته و السويس

Polini Odion

في بداية عام 1910 يطلب من الحكومة المصرية مد امتياز شركة قناة السويس الذي كان سينتهي في17 نوفمبر 1968 لمدة 40 سنة أخرى تنتهي فى عام 2008، ودخل بطرس غالي، رئيس الوزراء حينذاك ، في مفاوضات مع الشركة لتمديد الامتياز، الأمر الذي وافقت عليه الحكومة البريطانية لتمديد وجود الاحتلال في مصر، خصوصًا وقد بدأت الحركة الملاحية بالقناة تتضاعف حتى بلغت عام 1889 ضعف ما كانت عليه عام 1881 وتضاعفت مرة أخرى عام 1911، وكانت البضائع البريطانية تمثل 78.6 % من مجموع البضائع المارة بالقناة. ورفضت الجمعية العمومية المشروع تحت ضغط من الحركة الوطنية بزعامة محمد فريد والرأي العام، حيث حصل محمد فريد على نسخة من مشروع التمديد وقام بنشرها في جريدة "اللواء" جريدة الحزب الوطني وقتها، عرض فيه الخسائر التي ستتكبدها مصر جراء التمديد، مما شكل موجة من الغضب العام، اضطرت الجمعية العمومية رفض المشروع على إثرها. شركة القناة تعرض على الجمعية العمومية مد امتيازها 40 عامًا: في أواخر 1909

فى وأوائل سنة 1910، فكر المستشار المالي البريطاني مستر بول هارفي، في وسيلة يسد بها احتياجات الحكومة المصرية المالية، فدخل في مفاوضات مع شركة قناة السويس لمد امتيازها أربعين عامًا مقابل أربعة ملايين وجانب من الأرباح من سنة 1921 إلي سنة 1968، الأمر الذي وافقت عليه الشركة ودخلت بدورها في مفاوضات مع بطرس باشا غالي، رئيس الحكومة، الذي قام بدوره برفع المذكرة للجمعية العمومية لمناقشتها. الرأي العام يضغط على البرلمان لرفض مشروع الامتياز

حددت الجمعية العمومية يوم 9 فبراير 1910 للاجتماع والنظر في مشروع مد الامتياز الذي تقدمت به شركة قناة السويس إلى الجمعية العمومية المصرية، فدعا بطرس كلًا من سعيد ورشدي باشا إليه وأطلعهما على المذكرة الموضوعة بشأن القناة، وتضمنت توزيع الأرباح بين الحكومة والشركة مناصفة، وأن تكون المناصفة في بداية الامتداد التالي لنهاية الامتياز الحالي. وكان سعد زغلول ( زعيم الأمة ) من أشد مؤيدي المشروع بجانب بطرس باشا غالي خلال مناقشة المشروع في الجمعية العمومية على الرغم من اعتراض العديد من الشخصيات السياسية المصرية، خاصة قيادات الحزب الوطني بزعامة محمد فريد، وبالتالي ظل هذا المشروع محل تكتم مدة عام كامل حتى استطاع محمد فريد الحصول على نسخة من مشروع القانون، وقام بنشرها فى جريدة اللواء في أكتوبر 1909، وكانت مواد الاقتراح كالتالي :

مد فترة الامتياز الممنوح لشركة قناة السويس 40 سنة تبدأ من أول يناير 1969 إلى 31 ديسمبر 2008. - يقسم صافي الأرباح مناصفة بين الشركة والحكومة المصرية. - إذا كان صافي الأرباح أقل من 100 مليون فرنك، تحصل شركة قناة السويس على خمسين مليون فرنك ولا تنال الحكومة المصرية إلا ما قد تبقي، أما إذا كانت أرباح القناة أقل من خمسين مليون فرنك، تحصل الشركة على كامل الأرباح ولا تحصل الحكومة المصرية على أي شيء. - تدفع الحكومة المصرية أربعة ملايين جنيه مصري على أربع أقساط مقابل مد الالتزام لأربعين سنة وتم تحديد مواعيدها. وكتب محمد فريد بيان فيه أسرار المشروع وأسبابه، ومبلغ الضرر الذي سيصيب مصر من ورائه، ذكر فيه أن: أولًا: أرباح القناة سنة 1909 هو 77 مليون فرانك وليس 73 كما ذكر المستشار المالي في مذكرته. ثانيًا: أن الإيراد سيزيد عن 77 مليونًا من الفرانكات من سنة 1909 حتى سنة 1968 مليوني فرانك ويزيد من سنة 1969 لغاية سنة 2008 بنحو مليوني من الفرانكات عن كل عام. ثالثًا: أن المستشار المالي حسب المصاريف التي يقتضي خصمها من الإيرادات بمبلغ 27 مليون فرانك، منها 17 مليون قيمة ما هو مخصص لاستهلاك الديون ولا يستحق هذا المال في سنة 1969 ومنها 11 مليونًا مخصصة لاستهلال أاس مال الشركة، ومنها 6 ملايين مخصصة للاحتياطي، فمن الواجب إسقاط هذه المبالغ كلها فيكون مجموع الباقي 13 مليون فرانك يضاف إليه 12 مليون فرانك لما يجعل زيادته من المصاريف وغيرها إلى سنة 1968، فيكون مجموع المصاريف بحساب اللجنة هو 25 مليون فرانك وليس 47 مليونًا. ويعني هذا، بحسب فريد، أن الشركة ستربح 13598000 مليون جنيه مقابل أربعة أو خمسة ملايين للبلد، بالإضافة إلى أن مد الامتياز كان يعني أن تترك الشركة القناة لمصر عام 2008

بدأت حملة من الحركة الوطنية وعلى رأسها الحزب الوطني في تعبئة المصريين ضد هذا القانون، وربما يرجع تأييد بطرس باشا غالي للمشروع لحاجة الحكومة المصرية الحصول على أربعة ملايين جنيه على أربعة أقساط متساوية من ديسمبر 1920 إلى ديسمبر عام 1913. وثار الرأي العام المصري ضد هذا المشروع، مما دفع الجمعية العمومية لرفض المشروع بأغلبية أعضائها في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البرلمان، وهو رفض تشريع وعدم تمريره.

فى 7 أبريل 1910 ٬ وقف سعد زغلول باشا، وزير الحقانية (العدل)، أمام الجمعية العمومية «البرلمان» مدافعًا عن مشروع الحكومة بمد امتياز قناة السويس لبريطانيا 40 عامًا، وحسب الدكتور "مصطفى الحفناوى" فى كتابه «قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة» الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب :" كان دفاع «سعد» يوم 4 أبريل 1910، وكان المشروع مرفوعًا من الحكومة إلى الجمعية العمومية التى تحدث الخديو عباس حلمى الثانى أمامها أثناء افتتاحها يوم 9 فبراير 1910، طالبًا من النواب إعطاء الرأى فيها، وشمل المشروع مد أجل الامتياز إلى أربعين سنة أخرى، على شرط اقتسام الأرباح فى هذه المدة بين الحكومة وشركة القناة مناصفة، وفى مقابل إعطاء الشركة نصف الأرباح عن المدة الجديدة.

يذكر «أحمد شفيق باشا»، رئيس ديوان الخديو عباس الثانى، فى مذكراته: أنه قبل أن يفتح مع الوردانى محضر التحقيق الرسمى حين اغتال بطرس باشا غالى فى21 فبراير عام 1910 - سأله وكيل الحقانية: لماذا فعلت فعلتك بالباشا؟، فأجاب غاضبًا: لأنه خائن للوطن.

قاد الزعيم محمد فريد، رئيس الحزب الوطنى، الحملة ضد المشروع، ووفقًا للرافعى: كان طى الكتمان لمدة عام، وكان فى عزم الوزارة إنفاذه بسرعة حتى لا يزعجها احتجاج الصحف الوطنية، حتى تمكن فريد من الحصول على نسخة منه وبادر إلى نشرها فى جريدة اللواء، وتابع ذلك بسلسلة مقالات دلت على سعة إلمامه بدقائق المسألة المصرية وملابساتها من الوجهتين السياسية والمالية، وأمام الغضب الشعبى قرر عباس الثانى إحالة المشروع إلى الجمعية العمومية، على أن يقوم سعد زغلول بالدفاع عن رأى الحكومة باعتباره وزيرًا للحقانية، وبعد إحالته قررت الجمعية تشكيل لجنة لدراسة المشروع دراسة مستفيضة، وأعدت اللجنة تقريرها واجتمعت الجمعية العمومية بجلسة 21 مارس لمناقشته، وفى جلسة يوم 4 أبريل وقف سعد زغلول مدافعًا عن المشروع من مذكرة أعدتها الحكومة، وفقا لما يذكره الرافعى، قائلاً: المشروع متعلق بالاستقبال، وقدرة الإنسان فى الأمور الغيبية قدرة بعيدة الاحتمال، ولذلك اختلفت الظنون والأفكار فى هذا المشروع اختلافًا كثيرًا، ونحن يجب علينا أن نفهم هذا الاختلاف، ولكن الذى لا ينبغى هو أن يفهم المخالف للآخر، أن هذا سيئ القصد والنية.


استمرت المناقشات فى جلسة يوم 7 أبريل 1910، ويقول الرافعى: أراد سعد باشا أن يستأنف دفاعه عن المشروع، فرأى الأعضاء الاكتفاء بما قاله فى الجلسة السابقة، فاعترض على ذلك بأن هذه مقاطعة غير جائزة، وقال: يقوم أحد رجال الحكومة ليتكلم فبأى حق يقطع عليه الكلام؟ قمت لأقول ملاحظاتى على أقوال اللجنة، فكيف أمنع من ذلك؟ يجب على الجمعية العمومية أن تسمع كلام الحكومة أولًا إلى أن قال: إنكم استعملتم هذا السلاح ضدى اليوم، وسيستعمل غدًا ضدكم، فاحذروه والرأى لكم، ورد عليه إسماعيل باشا أباظة، بأن المسألة استوفت بحثًًا من جانب الحكومة والجمعية، وبعد مناقشة وجيزة أخذ الرأى على قفل باب المناقشة، فتقرر ذلك بالأغلبية، ثم أخذ الرأى على المشروع بالنداء بالاسم، فقررت الجمعية رفض المشروع بالإجماع، ماعدا مرقص سميكة باشا والوزراء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق