الأربعاء، 5 أبريل 2017

بدء الوساخة


صورة نادرة اثناء محاكمة الشابين مصطفي خميس و محمد البقري قبيل تنفيذ أحكام الاعدام بحقهما بعد ثلاثة اسابيع فقط من ثورة يوليو 1952 !

في الثاني عشر من أغسطس سنة 1952 و بعد ثلاثة اسابيع فقط من حركة الجيش ضد الملك فاروق خرج عمال شركة مصر للغزل و النسيج بكفر الدوار بمظاهرة يهتفون تأييدا للثورة و للواء محمد نجيب
ويطالبون بتطهير الشركة من القيادات الفاسدة و تطبيق العدالة الاجتماعية في الاجور , أعلن الضباط الاحرار في بداية حركتهم أنهم مع الشعب وكان من المُنتظر أن يساندوا العمال الذين هتفوا لهم ، قرر عمال كفر الدوار الاعتصام لتحقيق مطالبهم . وكانوا فى شبرا الخيمة و غيرها على درجة من التحضر فكتبوا على اللافتات "المصانع أمانة فى أعناقنا" .. "أرزاقنا فى هذه المصانع فحافظوا عليها" ، هذا التظاهر السلمى واجهه الضباط المنادين بالقضاء على سيطرة رأس المال بمحاصرة المصانع بالدبابات و المجنزرات !

تصاعدت الأحداث في صباح اليوم التالي وتم القبض على 576 عاملا ، كان من بينهم أطفال فى سن العاشرة ، و بعد مرور يومين صدر الحكم بالإفراج عن 545 عاملا و الحكم على 29 اخرين بالسجن ، و كان المطلوب إعدام 29 عاملا و تم الاكتفاء بإعدام عاملين وهما : مصطفى خميس و عمره 18سنة و محمد البقرى و عمره 19سنة ونصف ، وصدر الحكم بعد خمسة أيام فقط .

و في النادى الرياضى بكفر الدوار تم جمع 1500 عاملا ليشهدوا النطق بحكم الإعدام لبث الرعب في نفوسهم ، و عن هذا المشهد الذى يستدعى من بئر الأحزان أحداث دنشواى ، كتب المؤرخ العمالى طه سعد عثمان أن عاملا من الذين حضروا إعلان الحكم مجبرين قال:-إن ما تعرض له جميع الحاضرين من العمال من مهانة وإذلال و إرهاب كان أقسى مما يمكن أن يتعرض له أسرى الحرب فى جيش مهزوم ومستسلم بدون قيد مما جعل المنتصر يعاملهم أسوأ من معاملة العبيد .

إن أحداث كفر الدوار الدامية درس فى مناهج قهر الشعوب ، فقد كانت النية مبيتة لإظهار العين الحمراء للشعب بعد عشرين يوما فقط من حركة الجيش ، يؤكد هذا أن المحاكمة تمت فى يومين فقط ، وإن الأغلبية الساحقة من العمال لم يكن معهم من يدافع عنهم ، وإن بعض وكلاء النيابة كان يحقق مع مائة عامل فى اليوم الواحد فى تهم عقوبتها الإعدام و يتم النطق بالحكم في بضع ساعات !

بعد أن أدانت منظمة حدتو العمال وأيّدت الضباط اعترفت فيما بعد بموقفها الخاطئ و وصفته بالخطأ الشنيع الذي لا يغتفر و قالت فى بيان لها «إننا لم نحشد و نعبئ قوى العمال والشعب بدرجة كافية لإيقاف المحاكمة العسكرية الإجرامية للعمال و إنقاذ خميس و البقرى ورفاقهما الأبطال من براثن الظالمين ».
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق