الخميس، 8 أغسطس 2019

ملف النيل.........

اتفاقية التفريط في المياه

Let_go_of_nile_water
حنعمل هنا ترجمة و شرح لاتفاقية اعلان المبادئ بين مصر و السودان و اثيوبيا حول سد النهضة. ناس كتير بتتكلم بدون علم او معرفة لذلك حنمسك كل جزء من الاتفاقية نشرحة و نقول هل هوه في صالح مصر او ضدها. 
اتفاقيه اعلان المبادئ بين مصر و اثيوبيا و السودان و التي تم توقيعها في الخرطوم في مارس ٢٠١٥. في نظرنا هذه الوثيقه (مصدر ١) هي نقلة تاريخية في مستقبل مصر المائي حيث سيمكن القول في المستقبل تاريخ مصر قبل هذه الوثيقة و تاريخ مصر بعدها. 
سنترجم هنا مقاطع من الاتفاقيه مع تعليقنا القانوني علي المقطع:
مقدمه:
عالمون بازدياد الطلب علي المياة العابرة للحدود في كل من جمهورية مصر العربيه، جمهورية اثيوبيا الفيدراليه، و جمهورية السودان، و آخذون في الاعتبار اهمية نهر النيل كمصدر حيوي للتنمية في مصر و اثيوبيا و السودان، قررت الدول الثلاثه الالتزام بالمبادئ التالية:
١- مبدأ التعاون. 
—————-
ان نتعاون بناءاً علي التفاهم المشترك و المنفعة المتبادلة و النية الحسنة و الفوز المشترك و مبادئ القانون الدولي. و ان نتعاون كي نفهم متطلبات مصب و منبع النهر باشكالها المختلفة. 
(تعليق جوده: 
في هذه السطور القليله سلمت مصر كثير من اوراقها التفاوضية. كي نفهم لماذا لازم نفهم شويه قانون دولي و نعدكم انهم مش شويه كتير. مشكله توزيع مياه نهر النيل ليست مشكلة جديدة او محدودة فقط بنهر النيل، دي مشكله أساسيه في القانون الدولي (مصدر ٢). كل الأنهار الدولية بها نفس المشكلة. فدول المنبع تدعي دائماً ان لها سيادة مطلقة او ما يطلق عليه absolute territorial sovereignty علي كل مصادر المياه داخل حدودها. في حين ان دول المصب تقول دائماً ان النهر وحدة متكاملة او absolute river integrity. يعني النهر مينفعش تقطعه او تغير مساره لان ربنا خلقه بمصدر و مصب. 
لازم نفهم حاجة كمان في القانون الدولي و هي القانون الدولي العرفي. يعني ايه؟ يعني لو مثلا دولة دخلت و اخدت ارض من دوله تانية و بمرور الوقت عمرتها و استغلتها و الدولة التانية قبلت بكدة فده كون وضع عرفي بقي زي ما يكون اعتراف قانوني. ده ايه تطبيقه في حاله الأنهار؟ انه لو دولة بقالها خمسين سنه مثلا بتستخدم كمية معينة من المياة و الدول التانية لم تعترض و متقبلة كده يبقي بقي ده جزء من القانون الدولي العرفي. 
طيب نرجع لصياغه الاتفاقيه. حتلاحظ اولا انه مفيش اي أشاره لأي اتفاقيات سابقة. و ده تنازل مهم للجانب الاثيوبي. لان اثيوبيا دائماً بتقول ان اتفاقيات ١٩٥٤ و ١٩٢٩ اللي بتحدد كمية المياه اللي بتوصل لمصر، هي اتفاقيات اتفرضت علي اثيوبيا من بريطانيا و انها لذلك لا تعترف بهذه الاتفاقيات. لذلك عدم الاشارة لهذه الاتفاقيات معناه اعتراف مصري ضمني ان هذه الاتفاقيات الان قابلة للتغيير و التفاوض. ده تنازل مهم جدا من مصر لاثيوبيا. مش معني انه تنازل انه وحش لو مصر أخذت حاجه في مقابله. لكن الحقيقة كما سنري مصر لم تأخذ شيئ. حنشوف. 
طيب احنا كنا نكتب الاتفاق ازاي؟
كنا سنضيف في مقدمة الاتفاقية التالي:
“عالمون ايضا بحقوق دول المنبع التاريخية وفقا لقواعد القانون الدولي العرفي و عالمون بالاتفاقيات السابقة بين دول حوض نهر النيل”
اهمية كده انه اي اتفاق في الدنيا لازم يبقي له مرجعية قانونية. حتي اتفاقيه كامب ديفيد (مصدر ٣) بدأت الديباجة بتاعتها بالاتي:
“كل مبادئ قرار مجلس الامن رقم ٢٤٢ سيتم تطبيقها لحل المشكله بين مصر و اسرائيل” 
يعني اتفاق كامب ديفيد حدد مرجعيه محدده من القانون الدولي و ليس كلام عايم. و كان لابد الاتفاقية الجديدة تحدد مرجع محدد او حتي عده مراجع. لكن المراجع كلها في الاتفاقيه عائمه و تصب في مصلحه اثيوبيا. )
نرجع لترجمة الاتفاقية:
٢- مبدأ التنمية و التكامل الإقليمي و التنميه المستدامة:
————————
هدف سد النهضه العظيم هو توليد الكهرباء و التنميه الاقتصاديه و تطوير التعاون الإقليمي من خلال توليد طاقة نظيفة. 
(تعليق جوده: هذا كلام إنشائي لا معني له. و للاسف لا يلزم اثيوبيا ان الهدف الوحيد هو توليد الكهرباء بل بالعكس فواو العطف بين توليد الكهربا “و” التنمية الاقتصادية تعني انه يمكن ان تكون أهداف اخري. )
نرجع للترجمه:
٣- مبدأ عدم احداث ضرر كبير
—————————
(تعليق جوده: حط تحت كلمه كبير مليون خط)
ستأخذ الدول الثلاث احتياطات مناسبة كي لا تودي لأضرار كبيره خلال استخدام النهر الأزرق او النيل الأساسي. 
و اذا حدثت أضرار كبيرة بالرغم من هذا لأحدي الدول، ستقوم الدولة المتسببة في الضرر، في غياب اتفاق علي الضرر، باتخاذ الإجراءات المناسبة بالتشاور مع الدولة المتضررة لالغاء الضرر او تقليلة و عند اللزوم مناقشة سوْال التعويضات. 
(تعليق جوده: هذه صياغه كارثيه. هذه صياغه منقوله حرفيا من الماده السابعه في اتفاقيه الامم المتحده حول المجاري المائية لعام ١٩٩٧. و هي اتفاقية وافقت عليها كلا مصر و اثيوبيا. طيب ايه المشكله طالما احنا وافقنا علي الاتفاقيه دي قبل كده بنفس الصياغه. 
كذا سبب ان هذه صياغه كارثيه في اتفاق بين مصر و السودان و اثيوبيا:
١- مصر وافقت علي الاتفاقية في الجمعيه العامه للأمم المتحده فقط. و لم توقع عليها و لم يوافق البرلمان المصري عليها يعني مصر لم توقع و لم تصدق علي هذه الاتفاقيه (منذ سنه ١٩٩٧). فقط ٣٦ دوله في العالم وقعت علي الاتفاقيه (مصدر ٥) و بالتالي فمصر غير ملزمه بالاتفاقية. كون ان مصر دلوقتي وقعت في اتفاقية مع السودان و اثيوبيا بتاخد نفس الصياغه من اتفاقية الامم المتحده معني كده ان مصر ملزمة بهذه الصياغه دلوقتي. 
٢- مش كدة كمان. الاتفاق بين مصر و السودان و اثيوبيا مرجعيته هي القانون الدولي و ليس القانون الدولي العرفي. و اتفاقيه الامم المتحده للمجاري المائيه هي اهم وثيقه في القانون الدولي حاليا (مصدر ٢). يعني لو سألت اي محامي دولي ايه هو اهم وثيقة قانونيه دولية في الأنهار حيقول انها اتفاقيه الامم المتحده في غياب اتفاق بين الدول. لذلك كان لازم احد المرجعيات في اتفاق مصر مع اثيوبيا يبقي الاتفاقيات السابقه و القانون الدولي العرفي. 
٣- طيب ايه خطورة كدة؟ ببساطه انه اثيوبيا ممكن تسبب ضرر لمصر و تقول اثبتوا ان ده ضرر كبير. يعني تقليل التدفق المائي ١٠٪ لمدة خمس سنين، عشان اثيوبيا تملأ خزان السد أكيد اثيوبيا حتقول انه مش ضرر كبير لان مصر عندها السد العالي و بحيرة ناصر و أكيد مش حتعطش. هي بس حتفضي مياه بحيرة ناصر عشان اثيوبيا تملا الخزان بتاعها. و في كثير من الخبراء الهيدروليكيين في العالم حيقولوا ان وجود خزان النيل في اثيوبيا افضل من وجوده في مصر عشان البخر في اثيوبيا اقل منه في بحيره ناصر و احنا كتبنا الكلام ده قبل كده (مصدر ٦). 
٤- الاسوء ان اتفاقيه الامم المتحده بتقول ان في حالة الخلاف (و ده لازم حيحصل) الدول لازم تتفاوض و بعدين تلجأ لدول اخري لحل النزاع و بعدين تلجأ لمحكمه العدل الدوليه. 
طبعا الكلام ده حياخذ ١٠ سنين يكون الموضوع انتهي. و احنا لو من اثيوبيا سنماطل في مفاوضات لا تنتهي. 
٥- طيب فيه اسوء كمان. تخيل. مصيبة الاتفاقية دي ان الضرر لازم تثبت انه وقع عليك. طيب فلنفرض ان سد النهضة عمل ضرر للبيئة في اثيوبيا او في السودان. متقدرش مصر تعترض. مع ان مشكلة سد النهضة الكبيره ان أضراره البيئيه كبيره و في طيور و حيوانات حتنقرض. و دي كانت ورقه ضغط مهمة لمصر انها تخلي منظمات البيئة في العالم تهاجم اثيوبيا. و كتبنا كدة قبل كدة (مصدر ٦). لكن محدش بيسمع. 
و دي كمان ورقة ضغط مهمة ضاعت من مصر. 
لو الامر معانا كما نكتب الاتي:
“و ستقوم الدول المعنيه بدراسه التأثيرات المناخيه و البيئية بالتعاون مع منظمات البيئه العالمية لتقرير مدي الضرر علي البيئه في اي من دول النهر او غيرها و اتخاذ خطوات وفقا لما يقرره برنامج الامم المتحده للبيئة”
مهم جدا كنا ندخل اداره جديده للأمم المتحده في الموضوع و هو برنامج البيئه لانها ممكن تكتب تقرير مضر بإثيوبيا و تخلق مناخ دولي رافض للسد. 
لكن خلاص. 
٦- طيب في لسه اسوء. اتفاقيه الامم المتحده اللي هي مرجعيه اتفاق مصر و اثيوبيا و السودان زي ما اتفقنا بتقول ان بند عدم احداث ضرر كبير (المعروف بالبند السابع) هو بند ثانوي لمبدأ الاستخدام العادل للمياه! يعني ممكن اعمل ضرر كبير لدوله تانيه عشان يبقي الاستخدام عادل! 
نرجع للترجمه:
٤- الاستخدام العادل و المنطقي للمياه
———————————————-
ستأخذ الدول في حسبانها كل العوامل التاليه في توزيع المياه:
ا- الجغرافيا و المناخ و عوامل الطبيعه
ب- السكان المعتمدين علي مصدر المياه في كل دولة
ج- تاثير الاستخدام علي الدول الأخري
د- الاستخدام الحالي و المستقبلي للمياة
ه- الحفاظ علي و تطوير استخدام المياة
و- وجود مصادر بديله للمياة
ز- مشاركه كل دوله في تشكيل مياه النهر 
ح- وجود شبكه صرف و حجمها في كل دوله
(تعليق جوده: مفيش حتي كلام عن الحقوق التاريخيه. فقط الاستخدام الحالي و المستقبلي و حاجة السكان تؤخذ بعين الاعتبار لتحديد التوزيع العادل للمياه. 
و بهذا المبدأ تكون مصر تنازلت تماماً عن حصتها في النهر فهذا المبدأ يقول اننا نعود تقريبا لنقطه الصفر و يمكن ان نحسب الاستخدام العادل للمياة. و هذا تنازل كبير لاثيوبيا و حتي الان لا نري اي مقابل له في الاتفاقيه)
نرجع للترجمه:
٥- مبدأ التعاون من اجل الملأ الاول للخزان
———————————————-
– تطبيق توصيات لجنه الخبراء 
– و من خلال تلك التوصيات توافق الدول الثلاث علي الاتي:
ا- الموافقه علي قواعد الملأ الاول للخزان تحت كل السيناريوهات خلال فتره انشاء السد 
ب- الاتفاق علي قواعد التشغيل السنويه للسد. 
ج- ابلاغ دول المصب بأي تغييرات او طوارئ تتطلب تغير قواعد تشغيل السد. 
الحفاظ علي روح التعاون خلال تشغيل سد النهضه من خلال الوزارت المعنيه. 
يتم التوصل لما أعلاه خلال فتره ١٥ شهر من بدأ الدراساتين اللتين طالبت بهما لجنه الخبراء. 
(تعليق جوده:
هذا هو المبدأ الوحيد المكتوب لصالح مصر. حيث يلزم اثيوبيا بالاتفاق علي قواعد تشغيل و ملأ السد خلال فتره بنائه. و ان كان المبدأ يناقض نفسه حيث يقول انه يجب ان ينتهي الاتفاق في خلال ١٥ شهر من بدأ الدراساتين. طيب نمشي مع اني كلام؟ 
قواعد القراءة القانونيه بتقول ان كلمه shall كلمه ملزمه (مصدر ٧). بينما عبارة “بروح التعاون” غير ملزمة. كل المقطع اللي مذكور فيه ان الاتفاق يحصل خلال بناء السد بيبدأ بعباره “بروح التعاون”. 
السطر الأخير بيبدأ بكلمه shall بوضوح بتحدد ١٥ شهر من بدايه الدراسات. يعني ١٥ شهر ملزمه. الباقي ملوش لزمه. 
لذلك احنا لو مكان اثيوبيا مش حنبدأ الدراسات دي خالص و حنطلع سبب كل يوم لتأخير بدء الدراسات. سهلة جدا يعني. 
اخر ملاحظه. هذه اكثر اتفاقيه قرأناها بها عبارات مثل “النوايا الحسنه”. مذكوره ٥ مرات في اربع صفحات. عادة الكلام من النوع ده بيذكر مره واحدة فقط في الديباجة. 
استمرار السهوكة حتي في الاتفاقيات الدولية. 
الفارق ان اثيوبيا بتفرح. 
لمعرفة تاثير هذا الكلام علي مصر بدءا من ٢٠١٧ راجع ما كتبناه في مصدر ٦ و ابكي ان كل حاجه كتبناها و طالبنا بها بتتحقق من الجانب الاثيوبي و بتترمي في الزباله من الجانب المصري. 
هذه اتفاقية التفريط في المياه من اجل نيل الشرعيه الافريقية لنظام السيسي. 
عليه العوض. 
المصادر:
———
١- النص الكامل الأصلي باللغه الانجليزيه لوثيقه اعلان مبادئ سد النهضه:
٢- وضع الأنهار الدوليه في القانون الدولي:
٣- نص اتفاقيه كامب ديفيد:
٤- اتفاقيه الامم المتحده للمجاري المائيه لعام ١٩٩٧:
٥- الوضع الحالي لاتفاقيه الامم المتحده للمجاري المائيه:
٦- تحليل جوده العلمي لمشكله سد النهضه و كيفيه التعامل معها:
٧- اهميه كلمه shall في المصادر القانونيه:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق