الجمعة، 14 يونيو 2013

المحاهرة بالإلحاد.......موضة

موجة الإلحاد الناشئة في مصر
(الحلقة الأولى: مفاهيم أولية)

لاحظت في أوساط المثقفين من الشباب في مصر ميل بعضهم إلى الإلحاد أو تصريحهم به بوضوح، ولخطورة هذا الأمر أحببت أن أتأمل فيه بعض تأمل، فأقول إن الإلحاد الوليد هذا إنما يقوم على أمرين بينهما ارتباط، أولهما إنكار الإله والثاني التمرد عليه ورفض عبادته.
وقبل الخوض في التفصيل لا بد من تحرير المصطلحات:
فالإله هو مستحق العبادة ويعبر عنه التراثيون بأنه المعبود بحق، والمآل واحد.
والمراد بالعبادة الإذعان الذهني لاستحقاق الإله للطاعة، مع الامتثال العملي لأمره والتعلق القلبي به حبا ورجاء وخشية وتعظيما...إلخ. فمن توجه لأحد ما بهذه الأمور فهو عابد له تمام العبادة.
فبناء على ما تقرر من مصطلحات نحاول أن نضع بعض القواعد لتناول الموضوع:
أولا: بم يستحق الإله العبادة؟ أعني هل من المقبول عقلا أن يؤمن الإنسان بإله لكنه لا يعبده بأن يعبد غيره مثلا؟ فالجواب هو أنه بالتأمل نجد أن الإله يستحق العبادة لكونه الخالق أي المنشئ من العدم. فمن عبد إلها لا يؤمن بأنه خلقه فهو عابث لا معنى لصنيعه على الإطلاق. فالخلق مناط الألوهية والعبادة.

ثانيا: هل تفرض الحقائق نفسها على الذهن أو أن الإنسان مختار في تصديق ما يشاء؟ ونعبر بلفظ آخر فنقول: لو قام الدليل العقلي على أمر ما فالإنسان مختار في أن يصدقه ويذعن له أو ينكره فلا يصدقه أم هو مضطر اضطرارا لتصديقه والإذعان له؟ فالجواب أن الحقيقة تفرض نفسها على الذهن، وأن الإنسان يذعن اضطرارا لما قام عليه الدليل العقلي، فلو سمعت من يتكلم في غرفة مغلقة فإنك تصدق قهرا بوجود إنسان فيها ولا قدرة لك على تكذيب ذلك ذهنيا.

ثالثا: لو قام الدليل العقلي على وجود خالق للكون فإنه يلزم من يسمع هذا الدليل أن يصدق به أو يرد عليه بما يبطله، فإن أبطله فلا كلام، وإن صدقه فإنه يلزمه أمران: أولهما الإذعان الذهني لحقيقة وجود الإله بلا أدنى شك، وثانيهما أن يعبده بمعنى العبادة الذي سبق بيانه، وإلا كان عابثا لا يستحق النقاش ولا الجواب.

رابعا: من يناقش الإله في أوامره –بعد الإقرار له بالألوهية- أو يجعل اتباعه لأوامره مبنياعلى قبوله هو لها إنما هو عابث، لأنه هكذا جعل الإله تابعا لا متبوعا وفي حقيقة الأمر عبد نفسه ولم يعبد الإله، فبناء اتباع الدين –أي دين- على تفاصيل أوامره ونواهيه وتدبيراته إنما هو مسلك عبثي لا يفعله إنسان ذو جدية، فلا معنى لمن يقول لماذا أمر الإله بكذا؟ إن هذا مناقض للعدل من وجهة نظري. هذا كلام عبثي لا معنى له، لأن إيمانك بإله –أي إله- يقتضي ألا تناقشه فيما حكم.

خامسا: صفات الخالق -بفرض قيام الدليل على وجوده- لا تتحدد بناء على ما يهواه المخلوق بل بما أخبر هو عن نفسه في صفاته وأفعاله وأحكامه، ومن قام عنده الدليل العقلي على وجود الإله فليس له أن يشترط معرفة صفاته أولا فإن أعجبته اعترف به وعبده وإلا فلا، فلا معنى لقول القائل مثلا: كيف يعذب الإله خلقه بالنار؟ إن هذه قسوة! ثم يشكك في آيات القرآن التي تنص على العذاب فتراه إما مشككا في كلام الإله عن نفسه أو رافضا عبادة إله بهذه القسوة على حد قوله!! كل ذلك عبث لأن صفة الإله وفعله عنوان الحق والعدل وإلا لم يكن إلها فلا معنى للإيمان بإله ثم نفي الحكمة والحق والعدل عنه.

سادسا: ينبني على كل ما سبق أنه لو قام الدليل العقلي على وجود الخالق، والدليل العقلي
على صدق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في كونه رسول هذا الخالق لم يبق لعاقل حجة في ترك الإذعان لدين الإسلام إجمالا وتفصيلا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق