الأحد، 27 سبتمبر 2015

كونتا كنتي ,,, مقال رائع لأحد الشباب

راق
كونتا كنتي؛ عندما توقف عن محاولة الهروب
بعد أن أخفق كونتا كنتي في محاولة الهروب الثالثة من أسر العبودية التي أصيبت قدمه فيها بطلق ناري، لم يلبث أن فكِّر هذا الأفريقي الحر في محاولة جديدة: دس نفسه في عربة تقوم بنقل التبغ، وفي الطريق قفز منها تحت شمس الضحى سعيدًا بأنه لم يلحظه أحد، وأخفى نفسه بسرعة في دغل، وانطلق فيه بجنون ناحية الشرق الذي يعده بأفريقيا، وساحل أفريقيا، والأسرة الكريمة، وكلبه المدلل (الوولو)، إلى أن أفاق في وعد الهروب على صوت نباح كلاب، إنهم يلاحقونه، السادة يلاحقون العبيد الآبقين في الغابات، بعد قليل وجد نفسه مطاردًا من رجلين أبيضين، وعندما جاءت لحظة المواجهة بين الأشجار، ضرب أحد الرجلين بحجر في وجهه، ولكنه وقع بالنهاية، وقُيِّد إلى شجرة عاري الجسد، وبالقدُّوم هوى أحدهما على مقدمة قدمه فقطعها.
وبدأ كونتا يتأقلم مع السود في مزرعة سيده الجديد، وتزوج من بيل الطاهية في بيت السيد وهو في التاسعة والثلاثين من عمره.. لقد عرفت هذه السيدة اللطيفة كيف تثنيه عن حلم الهروب، ليس لأنها أنجبت له ابنته كيزي، وليس لأنها صارحته بأنه الآن في الأربعين ولن يقدر على الهرب وقد فشل فيه وهو أكثر صحة وقوة، وليس لأنها أشارت إلى قدمه المعاقة؛ كانت تعلم أن كل ذلك لن يكسر عزيمة هذا الأسود العاشق للحرية، لقد كان يجلس معها في المطبخ وهو يشرب حساء الشوفان الذي أعدته له في ليلة ماطرة، حينما قال لها: كان السيد طيبًا أم خسيسا، ألا تشتاقين يا بيل لحياة الحرية؟ لحياة بغير خوف؟ ألا تودين أن تسبحي معي في زبد البحر إلى ساحل مشمس لا سيد لك فيه إلا الله؟ هل يعجبك حقًا هذا البؤس أم تصطنعين الرضا وتضحكين على نفسك؟
وضعت فطيرة التفاح للسيد في التنور المشتعل أمامها ونظرت إلى كونتا كنتي بعين زيتونية فاحصة وقالت : مش أحسن ما نكون زي سوريا والعراق؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق