الأربعاء، 28 مارس 2018

من قصص "أُحد"........

لما أراد أبو سفيان بن حرب الانصراف من معركة أُحد، أشرفَ على الجبل ثم صرخ بأعلى صوته :
.. فقال : أنعمتْ فَعَال ( أي أحسنت الفعل ) ، إن الحرب سجال ( أي مرة لهذا و مرة لهذا) ، يوم بيوم ، أُعلْ هُبل ( أي أظهر دينك ) .
.. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :قم يا عمر فأجبه
فقل : الله أعلى و أجل!
.. لا سواء ( أي لا نستوي )، قتلانا في الجنة و قتلاكم في النار ..
.. هذا الخبر يبين حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على إبقاء الروح المعنوية لدى المسلمين مرتفعة بعد الهزيمة المفاجئة التي أصابتهم يوم أُحد..
.. هذا الحرص من رسول الله صلى الله عليه وسلم موجود حتى ولو كان رفع الروح المعنوية للمسلمين بمجرد الكلام والرد النظري المجرد الذي لا يغير في واقع الأمر شيئاً.. !!
.. إن المصيبة قد وقعت ولا تزال الجراح تثعب ( تنبعث ) دماً ، والقتلى قد غادروا إلى حياة أخرى،
إلا أن حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على إبقاء الروح المعنوية مرتفعة لدى المسلمين منطلقه في ذلك أن دوام الحال من المحال، وأن الأيام دول وأن العاقبة للمتقين..
.. وأن المهمة المنوطة بالمسلمين ، هي من الكبر بحيث تحتاج إلى نفسية عالية وهمة وثابة طامحة لا يكدرها شيئ من العقبات و الكبوات ، التي لا بد أنها ستواجه المسلم في طريقه لا محالة..
.. وأن العزة لله ولرسوله و للمؤمنين ، ولا ينبغي أن يكون لهم غير ذلك و لا أن يرضوا بغير ذلك .
و من أجل ذلك فقد اتخذ الرسول صلى الله عليه وسلم إجراءات أخرى تحقق الهدف نفسه..
...الرسول صلى الله عليه وسلم خرج بمن كان معه في أُحد فقط دون غيرهم إلى حمراء الأسد ، متتبعا قريش رغم جراحات المسلمين، و ذلك ليحقق جملة من الأهداف ؛
.. أهمها رفع الروح المعنوية لدى المسلمين ؛ فهم – رغم جراحاتهم وما أصابهم من مصائب – قادرون على ملاحقة العدو و تتبعه ، فإذا كانوا يفعلون ذلك و هم في هذه الحال وقد أصابهم ما أصابهم و دون استعانة ببقية قومهم ممن لم يُصب معهم ، فكيف في أوقات قوتهم وعافيتهم وصولتهم و شدة بأسهم ؟!
.. إن هذا يدل على أنهم لا تسقط لهم راية ، ولا يقدر على مقاومتهم أحد ، ولا يؤثر فيهم ما أصابهم مهما اشتد البلاء وكثر..
.. هذا العمل من الرسول صلى الله عليه وسلم قد قلب الموازين معنوياً ، فالمشركون شعروا بأنهم لم يفعلوا شيئاً ، و لم يؤدوا الغرض الذي جاؤوا من أجله، وهو استئصال شأفة المسلمين ، لذلك فقد فكروا جديا بالعودة ، للقضاء على المسلمين قضاء مبرماً ،
.. لكن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم أرهبهم و بيَّن قوة المسلمين و عدم تأثرهم بما حدث لهم ، و أثناهم عن فكرة العودة للقضاء على المسلمين..
.. أما المسلمون فقد شعروا بقوتهم و أنهم قادرون على تتبع الأعداء و الترصد لهم وانتظارهم لمدة ثلاثة أيام كاملة ، و شعروا بأنهم لم يفت في عضدهم ما أصابهم ،
فعادت لهم روحهم المعنوية المرتفعة بعد تلك المصيبة العظيمة القاسية..
السؤال الآن لمن يتصدرون الميدان..
.. أين هذا الحرص على رفع الروح المعنوية لديهم ولدى من يعملون معهم في الميدان صفاً إلى صف وجنباً إلى جنب...؟؟
.. كثير منا وممن يتصدرون الواجهة لا يبالي بهذه المسألة ، و هو في غفلة كاملة عنها ، والبعض الآخر يقدر قيمة هذه المسألة..
لكنه بعفويته و من حيث يدري أو لا يدري – يسهم
في تحطيم الروح المعنوية لدى العاملين لدين الله تعالى...!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق