السبت، 9 يناير 2021

ملف تاريخي برؤية مختلفة شوية

 

إحتلال انجلترا لمصر ملف
محمد الحسينى المملكة المصرية Kingdom of Egypt

٢٧ سبتمبر ٢٠٢٠  ·

كيف دخل الإنجليز مصر ؟

نشرة صحيفة(التايمز ) في ١٠ مارس ١٨٨٢ تحليلاً لمراسلها في القاهرة يسجل فيه ظاهرة جديدة تحدث في مصر لأول مرة.. فقلد قال :

(قال لي صديق يعرف اللغة العربية جيداً أنه في صباح يوم واحد عد في السوق سبعة وعشرين مجموعة من الناس يتحدثون عن الميزانية ، أو الوزارة ، أو التدخل الأجنبي )

لقد أصبحت السياسة تهم المواطن العادي ... لأنه أدرك مصير بلده يتقرر هنا ، والآن، وتحت عينيه ، ويجب أن يكون هو الطرف الأول في صناعته . . وبعد أن عاش الضحية الأولى لسلبيته .

إن الثورة لن يحميها إلا مواطن يقظ . . إيجابي . . مشارك . . ومفتوح العينين .

ولكن . . في الساحة أطراف أخرى تريد عكس هذا بالظبط .

لندن .

٧ مايو .

١٨٨٢

اللورد جرانفيلوزير الخارجية البريطاني ، يتلقى رسالة عاجلة وملحة من القاهرة . رسالة كتبها ادوارد مالت المندوب البريطاني في مصر ، ويقول فيها لوزير خارجيته :

( إنني أعتقد أنه لا بد من حدوث مضاعفات من نوع حاد قبل إيجاد أي حل مرض للمسألة المصرية ، وأنه من الأصوب الإسراع في هذا خير من التأخير فيه )

مبدئياً : بدأ القنصل الإنجليزي في الإسكندرية يوزع السلاح سراً على المالطيين و اليونانيين المقيمين في مدينة الاسكندرية .

ثم : لن ننتظر طويلاً قبل أن نعرف نوع المضاعفات من نوع حاد

التي تقصدها بريطانيا لايجاد (حل مرضي ) لها .

الإسكندرية .

٢٥ مايو .

١٨٨٢

أسطول حربي بريطاني فرنسي وصل إلى المياه المصرية . إن الحجة هي حماية أرواح الأجانب في مصر . ولكن الهدف هو ترجيح ميزان القوى لصالح (الخديو توفيق ) .. ضد الثورة . الآن يلوح في الأفق الأول مرة إحتمال الغزو العسكري .

واكتسب الخديو شجاعة لم تكن فيه !!

لقد طلب وقف جريدة (الطائف ) التي كان يكتب فيها لسان الثورة (عبدالله النديم ) . وتقرر فعلاً إيقافها شهر واحد .

أما إنجلترا و فرنسا فقد أصبحتا الآن تتحدثان مع الثورة بذراعهما لأول مرة.

في هذه المرة هنالك طلب محدد : إسقاط الوزارة الوطنية برئاسة (محمود سامي البارودي ) ، ونفي (أحمد عرابي ) وزير الحربية إلى خارج مصر ، وتحديد إقامة زميليه (علي فهمي) و (عبد العال حلمي ) في ريف مصر .

وأسرع الخديو للإستجابة فوراً ، فأسقط الوزارة من اليوم التالي .

وتحرك الشعب جميعاً مدافعاً عن ثورته . إن عشرات الإجتماعات . . ومئات الخطب . . وعشرات الألوف من الناس يتقدمون . وفي كل مرة نجد أمامنا دائما (عبدالله النديم ) يخطب ، ويشرح ، ويفسر ، وينبه ، ويحشد ، ويعبئ ، ويدعو الناس إلى إسماع صوتهم .

وكتب تسعون ألف مواطن عرائض يعلنون فيها رفض المذكرة البريطانية الفرنسية المشتركة، ويطالبون فيها بعزل (الخديو توفيق ) نفسه و ابقاء عرابي .

وطلب الخديو توفيق من محافظ الإسكندرية إستدعاء (عبدالله النديم ) بتهمة أن خطبه

(تدعو إلى الفتنة والشغب) . . . وحجزه تحفظياً في سجن المحافظة .

وفوجئ المحافظ وهو نفسه من عملاء الخديو ، بأن آلافاً من الناس قد جاءت تحمي (عبد الله النديم ) بأرواحهم ... وأنهم سوف يقتحمون السجن دفاعاً عن خطيبهم ولسان ثورتهم .

وأراد الخديو أن ينحني للثورة في هذه المرة نصف انحناءة موقتاً !

فأعاد عرابي وحده إلى منصب وزير الحربية . . بشرط أن يكون عرابي مسؤولاً أمام دول أوروبا عن حفظ الأمن .

لقد استطاع الشعب ، من شارعه أن يرغم الخديو في قصرة على التراجع .

وأصبح واضحاً أن الثورة تستمد قوتها من الشارع . . وعلى خصومها أن يواجهونها أولاً في الشارع . . وتلك مهمة يعجز عنها الخديو توفيق بمفرده ، ولابد لها من أوروبا مجتمعة .

الإسكندرية.

١١ يونيو _ ١١يوليو .

١٨٨٢

مؤامرة الخديو توفيق و الإنجليز و الفرنسيين على الشعب المصري و الثورة .

مذبحة الإسكندرية.

بعد تسليح المالطيين و اليونانيين المقيمين في مدينة الاسكندرية .

من (فندق أوروبا ) في الإسكندرية يمكن رؤية حقائق كثيرة .

إن في الإسكندرية حي ضخم للأجانب ، يقع في جنبها الشرقي ، ثم فيها حي عربي للفقراء من المواطنين أبناء البلد و ( فندق أوروبا ) يقع في الطريق الجنوبي من ميدان محمد علي، وعلى مقربة من الحي العربي .

أحد الذين يتناولون غذاءهم في الفندق في ذلك اليوم ، ١١ يونيو ، كان اسمه (البرت فارمان ) ، الذي كان قنصلاً لأمريكا في مصر وعين حديثاً ممثلاً لبلاده في المحكمة المختلطة بالإسكندرية.

في الساعة الثالثة عصراً ، انتهى ألبرت فارمان من تناول غذائه في فندق أوروبا واتجه إلى منزله على بعد ثلاثة أرباع ميل . في الطريق شاهد من البداية حادثاً عجيباً وقع اليوم .

لقد قام نزاع بين مصري ويوناني على مبلغ من النقود . وحسماً للنقاش ، أخرج اليوناني سكيناً . . وطعن بها المصري في بطنه . وأدى منظر المصري المصاب ، وهو ينزف دماً إلى إثار غضب باقي الجالسين على القهوة ، فبدأ يتجمعون .

وعلى الفور بدأ اليونانيون و المالطيون في المباني المجاورة في إطلاق النيران على الأهالي من النوافذ دورهم ، ومن أسطح منازلهم ، على الأهالي العزل من السلاح .

إن حمل السلاح . . هو جزء من الامتيازات التي يتمتع بها الأجنبي في مصر . . ويحرم منها المصري !!

وسرعان ما تحول الأمر إلى شغب كبير بالإسكندرية ،فالأروبيين مسلحين بالمسدسات و البنادق . . و الأهالي لا يملكون غير الهراوات (عصا ) .

وكانت النتيجة هي مقتل ستين أوربياً . . مقابل أكثر من مائتين من المصريين .

في اليوم التالي نشرت جريدة( الديلي نيوز ) في لندن الواقعة على النحو التالي:

( أطلق الأوروبيون النار من النوافذ فقتلوا عداً كبيراً من العرب الذين أحدثوا بدورهم أضراراً جسيمة بين الأوروبيين في الشوارع )

فجأة بدأت الصحف الأوروبية بعد يومين تعيد رواية الحادث في شكل مختلف تماماً .

إنها أولاً بدأت تسميه (المذبحة ) .. وهي ..

والخبر بعد التزييف اصبح .

(مذبحة من المسلمين ضد المسحيين ) !!

وفي فندق أوروبا بالإسكندرية تقابل القاضي الأمريكي (ألبرت فارمان ) مع صديقه البريطاني ، الذي يعمل مراسلاً لجريدة (التايمز) البريطانية في مصر .

وبموضوعية القاضي سأله البرت فارمان: لماذا تخفي الحقائق عن قراء جريدتك ؟

لماذا تصف الشغب بأنه مذبحة ؟

لماذا تزعم أن المسلمين هم الذين دبروها سلفاً ضد المسحيين؟

لماذا وانت تعلم أن أحد الرعايا الأوربيين هو الذي بدأها .. وأن عدد القتلى من المصريين أضعاف عدد الأجانب ؟

وفي برود شديد رد عليه مراسل (التايمز ) البريطانية قاتلاً : (إنني لست هنا في مصر من أجل كتابة الحقائق لقد جئت لغرض ما . . وأنا بما أكتبه أؤدي الغرض من مهمتي !!

إن هذا الغرض سوف يتضح شيئاً فشيئاً مع تطور الأحداث .

ومبدئياً . . وجه وزير الخارجية البريطاني رسالة إلى ممثليه في القاهرة و الإسكندرية يحثهم فيها على

( ضرورة الحصول على دليل يدين أحمد عرابي وزملائه بالنسبه لأحداث الإسكندرية )

ولكن الجميع فشلوا في خلق هذا الدليل ، لسبب بسيط ، هو أن الجميع يعلمون أم عرابي لم تكن له اية علاقة بالموضوع ، والثورة في مصر . . على لسان خطيبها عبدالله النديم.. كانت تدعو الناس يومياً إلى عدم الإستجابة لأي استفزاز أوروبي . . حتى لو عنى هذا أن يكون المصري هو المغلوب أمام الأوروبي.

ومع ذلك فإن إنجلترا قد توصلت من جانبها إلى قرار محدد جداً : إما الثورة. . و إما إنجلترا !!

وهكذا بدأت مجموعة من التصرفات المريبة.

لقد انتقل الخديو توفيق إلى قصر رأس التين بالإسكندرية، بناءً على نصيحة القنصل البريطاني.

وأصدر الخديو منشوراً يبدي فيه لأوروبا تخوفه على أرواح رعاياها في مصر ، بسبب عدم توافر الأمن !!

أخيراً ، أعجب إنذار في التاريخ ، من بريطانيا العظمى إلى أحمد عرابي وزير الحربية المصري :

(يجب نزع أسلحة الطوابي المصرية على ساحل الإسكندرية. . وتسليم بطاريات تلك الحصون إلى قائد الأسطول البريطاني المرابط في المياه المصرية ، في مواجهة الإسكندرية - أسطول وصفه الأمريكيون وقتها بأنه

أقوى أسطول تجمع لارتكاب أعمال عدوانية حتى وقتنا هذا )

وتم دخول الانجليز مصر .

أيوب بن منصور.

كتاب :متمردون لوجه الله. محمود عوض

كتاب : مصر وكيف غُدر بيها . البرت فارمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق