الثلاثاء، 19 مارس 2013

الخونة و المسيرة مستمرة



فقد كان هناك اثنان آخران، أولهما بطرس باشا غالي (12 مايو 1846- 21 فبراير 1910) وزير الحقانية بالنيابة آنذاك ورئيس المحكمة
وبطرس باشا غالي هو أحد رجلين من الأقباط توليا رئاسة الوزارة، هو ويوسف وهبة باشا، كما أنه أحد رجلين من الأقباط نالا شهرة سياسية واسعة هو ومكرم عبيد باشا. تولى ابنان له الوزارة هما نجيب غالي وواصف غالي كما تولى ثلاثة من أحفاده الوزارة أيضا وهم مريت غالي وبطرس بطرس غالي ويوسف بطرس غالي، وكان أحد أبنائه من أقطاب الوفد وهو واصف غالي.

عمل بوظيفة مترجم في مجلس تجار الإسكندرية في أوائل عام ١٨٦٧ ثم باشكاتب المجلس انتقل بعدها في ١٨٧٣ لنظارة الحقانية التي ترقى في سلكها سريعا حتى أصبح سكرتيرا لها في ١٨٧٩ ثم وكيلاً في ١٠ أكتوبر ١٨٨١ وأنعم عليه برتبه الباشوية في العام التالي وكان أول قبطي يحصل على هذا اللقب الرفيع

ويمكن القول إن القدر وضع بطرس باشا غالي - المولود في بلدة الميمون بمحافظة بني سويف سنة 1846- في رئاسة محكمة دنشواي نتيجة لظروف إدارية بحتة وهي غياب ناظر الحقانية آنذاك إبراهيم فؤاد باشا الموكل إليه أساساً رئاسة المحاكمة بحكم قانون عام 1895

ويقول مستر بوند- وكيل محكمة الاستئناف الأهلية والعضو بالمحكمة المذكورة- إن هيئة المحكمة كانت مصممة على إعدام خمسة لولا إصرار بطرس غالي الذي لم يوافق على إعدام أحدهم، وقال إن ضميري غير مرتاح لإعدامه، ولذلك فقد سعى عقب الحادثة في مفاوضة الحكومة الإنجليزية، التي وافقت على العفو الذي أصدره الجناب العالي الخديو رسمياً يوم عيد جلوسه عام 1907. ظن الوطنيون أن هياجهم وحده هو الذي أرجف الإنجليز فأصدروا أمرهم بالعفو عن المسجونين مع أن الفضل الأكبر في العفو عنهم يرجع إلى تدخل الخديو عباس حلمي الثاني ووزيره بطرس باشا غالي كما يُستدل على ذلك من الوثائق البريطانية والمصرية التي لم يُنشر منها سوى القليل إلى اليوم ....

الكاتب والسياسي د. محمد حسين هيكل يتحدث عن بطرس باشا غالي ودوره في حادثة دنشواي قائلاً: "ويقول المدافعون عن بطرس باشا في هذه المسألة: إن حكم دنشواي كان حكماً سياسياً أملته السلطة الإنجليزية التي أمرت بإرسال المشانق قبل أن يصدر، إذ أرادت أن تضرب بكل صرامة وحزم – وأنه كان صادراً من أغلبية انجليزية لأعضاء المحكمة، فلم يكن للأقلية الموجودة فيها، بحكم القانون، بدٌ من إقراره وتوقيعه. وبطرس باشا كان رئيساً للمحكمة المخصوصة بحكم القانون الذي ألقى بهذه الرئاسة إلى ناظر الحقانية، فكان لا مفر له من الخضوع لرأي أغلبية الهيئة التي يرأسها والتي أصدرت ذلك الحكم الجائر"

لكن د. محمد حسين هيكل يمضي قائلاً: "وهذا الدفاع على ظاهره من الوجاهة لتبرير عمل بطرس باشا إلا إذا كان معتقداً عدالة الحكم الذي أصدره وإنسانية تنفيذه مما لا يصدق على رجل كان له من عواطف الخير والإنسانية ما كان لبطرس. ذلك بأن الرجل الذي يجلس رئيساً لهيئة قضائية يعهد إليها بتطبيق العدل يجب ألا يخضع لصوت غير صوت الضمير ولاعتبار غير اعتبار العدل المجرد من كل هوى. فأما أن كانت المحكمة المخصوصة ليست هيئة قضائية وكانت صورة هزلية لعدلٍ لا وجود له وإنما تملي السياسة أحكامه، فكان حرياً برجل له ما كان لبطرس من دهاء ومقدرة أن يصل من تخفيف الجور إلى أقل حدوده وألا يرضى هذا التنفيذ الذي بعث إلى قلب الإنسانية رعشة اشمئزاز وتقزز واستفز في نفسها أشد المقت لعملٍ لا يمكن أن يكون من الإنسانية المهذبة ولا من الإنسانية المتوحشة في شيء"


وقد عهد الخديو عباس حلمي الثاني إلى بطرس باشا غالي برئاسة النظارة في 12 نوفمبر 1908، ولكن شابت علاقته بالحركة الوطنية خاصة الحزب الوطني شوائب أثرت بالسلب على صورته منها اضطراره لتوقيع اتفاقية السودان 19 يناير 1899، وترؤسه لمحكمة دنشواي الخاصة، بعث قانون المطبوعات 25 مارس 1909، دوره في مشروع مد امتياز قناة السويس
أما نهاية هذا الرجل فكانت على يد شاب صيدلاني يُدعى إبراهيم الورداني
وهذه قصه اخري ...
عمرو مختار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق