الخميس، 12 يوليو 2012

أسامة غريب و ألأخ حسني

  • مقالات
  • بعض الناس فى حالة خجل من تسمية الأشياء بأسمائها، والبعض الآخر ليس خجلًا، لكنه يرفض أن يصدق الواقع، والبقية فى غفلة ساقتهم إليها برامج التوك شو التى تزرع فى الأذهان مفاهيم خاطئة عن كل شىء!
    لو لم يكن الأمر كذلك لكان الناس قد رؤوا الصورة على حقيقتها التى توضح أن المحكمة الدستورية ليست طرفًا حقيقيًّا فى أىٍّ مما يجرى على الساحة الآن.. الصراع الذى يجرى هو صراع بين الرئيس المنتخَب وخلفه آمال شعب بأكمله.. وبين الذين لا يريدون أن يكون لنا رئيسًا حقيقيا بسلطات منحها له الشعب. أما المحكمة الدستورية وأحزاب حسنى مبارك وإعلام رجال الأعمال فكلها أدوات يستخدمها المجلس العسكرى حتى لا يظهر هو فى الصورة، وذلك بنفس الكيفية التى ظهرت بها وثيقة نُسبت زورًا إلى رجل لا علاقة له بها، ومع ذلك فقد حملت اسمه عندما سُمِّيت بوثيقة السلمى، وتذكرون أن نصوصها هدفت لجعل المؤسسة العسكرية فوق الرئيس وفوق الدولة. المحكمة الدستورية يا سادة وُجدت من أجل ضبط القوانين وضمان اتفاقها مع النصوص الدستورية التى وافق عليها الشعب.. لكن ما دور تلك المحكمة عندما يكون الدستور لم يُكتب بعد؟ هذا سؤال مهم يتحاشى الكثيرون التطرق إليه. إن الشعب المصرى قد تم استفتاؤه على تسع مواد فقط، أما عشرات المواد الأخرى التى وردت فى الإعلان الدستورى فإن الشعب المصرى لا علاقة له بها، وبالتالى لا يجوز للمحكمة الدستورية أن تقيس عليها وهى تفصل فى دستورية القوانين لأنها لا تشكّل دستورًا. ولعله كان ينبغى على المحكمة الدستورية أن تعلق أعمالها حتى يتم إنجاز دستور تعمل وفقه وتقيس عليه. عندما لم يحدث هذا كان من الطبيعى أن ينظر الناس بشك إلى ما يصدر عن المحكمة الدستورية مهما خلصت نيات أعضائها، ذلك أنها تفصل فى دستورية القوانين فى غياب الدستور! ومن الطبيعى أن يؤدى هذا إلى تغليب السياسة على القانون بعد أن انتفى القانون. وكان لهذا تجليات بدت واضحة عندما قامت اللجنة الرئاسية التى تضم قضاة بنفس المحكمة ويرأسها رئيس نفس المحكمة بإحالة قانون العزل إلى المحكمة الدستورية للنظر فى دستوريته من عدمها! هنا بان للجميع أن هذا قرار سياسى أكثر منه قضائى والغرض منه هو الوصول بالسيد أحمد شفيق إلى المنافسة على منصب الرئيس بأى ثمن، خصوصًا عندما تم الفصل فى الأمر بسرعة غير معهودة.. وكذلك عندما سارعت أيضًا بالفصل فى دستورية قانون مجلس الشعب فى نفس اليوم وبنفس السرعة. وإذا كان صحيحًا أن القانونَين (العزل، ومجلس الشعب) يشوبهما عوار دستورى فإن هذا ليس الموضوع، ولكن الموضوع هو الإصرار على الفصل فيهما على نحو بدا كما لو كان يتم فى إطار منافسة سياسية وإصرار على توجيه ضربة موجعة إلى مجلس الشعب الذى أخذ موقفًا عدائيا من المحكمة الدستورية بلغ حد الرغبة فى استخدام سلاح التشريع لمواجهتها. كل هذا اللدد والخصومة لم تكن السلطة الحاكمة بعيدة عنه وإنما هى التى أجّجته وحرّضت عليه. المهم أن حكم المحكمة الدستورية صدر بعدم دستورية بعض النصوص التى جرت على أساسها انتخابات مجلس الشعب. وإلى هنا جرى العرف القضائى أن ينتهى دور المحكمة.. أما الخطوة التالية فقد جرى العرف السياسى أنها تتمثل فى إجراء استفتاء بحل المجلس مثلما حدث أكثر من مرة فى عهد الرئيس المخلوع. إذن المحكمة الدستورية لا تحل مجالس ولا تنشئ مجالس، وإنما تفصل فقط فى مدى مطابقة أو عدم مطابقة نص قانونى للدستور، ومع هذا فقد فوجئ أهل القانون بالمحكمة تعلن وجوب حل مجلس الشعب، رغم أن نفس المحكمة كانت على عهد المخلوع تترك المجلس الذى قضت بعدم دستورية قانونه منعقدًا لشهور طويلة حتى يقرر الرئيس إجراء استفتاء على حله! لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، لكن ما كاد الرئيس المنتخب محمد مرسى يلغى القرار الإدارى الذى أصدره المجلس العسكرى بحل مجلس الشعب، وهذا بالتأكيد من صميم سلطة رئيس الجمهورية وأعنى قدرته على إلغاء قرارات مرؤوسيه، حتى فوجئنا بالمحكمة الدستورية تنتفض وتعلن عقد اجتماع للرد على قرار رئيس الجمهورية، وهذا فى الحقيقة أمر مذهل بكل ما فى الكلمة من معنى، إذ إن القضاء بأنواعه ودرجاته يُصدِر أحكامًا كل يوم يتم تنفيذ بعضها ويتم التلكّؤ فى تنفيذ البعض الآخر، كما أن هناك من الأحكام ما كانت السلطة الحاكمة تتحدى تنفيذه علانية، وفى كل هذه الحالات لم نَرَ القضاة يتخذون إجراءات ضد السلطة التنفيذية التى أهملت تنفيذ الأحكام، إذ إن القاضى درج على أنه يقوم بعمله ويترك الآخرين لضمائرهم فى القيام بعملهم، لكن فوجئنا بالمحكمة الدستورية تصدر حكمًا بإلغاء قرار رئيس الجمهورية!! وعلامات التعجب هنا سببها أن المحكمة الدستورية التى تعمل دون وجود دستور! ليس من اختصاصها أبدًا النظر فى قرارات رئيس الجمهورية أو غيره من الموظفين، وإنما هذا عمل القضاء الإدارى. كل هذا والجهة التى تقف خلف هذا اللغط لا تستنكف أن تقود مصر إلى الفوضى وتقود الشعب إلى فقدان احترامه للأحكام القضائية بعدما غلبت عليها السياسة والرغبة فى الانتقام. كل الأمل أن يواجه الرئيس مرسى هذا الموقف بالحكمة والحسم بعد أن ثبت أن المخلوع ترك إرثًا شديد البشاعة فى كل النواحى، وأن القضاء لم يسلم من بصمة الأخ حسنى!

    ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق