الخميس، 12 يوليو 2012

مع أن قدرتى على التسامح عالية والتماسى الأعذار للناس حاضر طول الوقت، إلا أننى لم أستطع أن أغفر لمن قاموا بالترويج لشفيق حينما كان مرشحًا رئاسيًّا فى مواجهة الدكتور مرسى.
ولقد تسبب هذا فى فقدانى بعضًا من الأصدقاء الذين أصبحوا عبئًا على ضميرى بعد أن باعوا الشهداء واشتروا من قتلهم. لا أتحدث بالطبع عن الأنفار الذين تم جمعهم من الحقول وتعبئتهم فى شاحنات للتصويت لشفيق، ولا عمال مصانع رجال الأعمال اللصوص، ولا أقصد المواطن البسيط الذى تعرض للحقن بالبول فى مخه على مدار الساعة، ولا أعنى كذلك كل من كانت لديه تخوفات مسبقة من الإخوان المسلمين.
إنما ينصب غضبى ونقمتى على ولاد الرقاصة من الإعلاميين والكتاب والسياسيين والحزبيين الذين يدركون جيدًا، ماذا يعنى أن يفوز شفيق! أولئك الذين ضللوا الناس واستغلوا المنابر الإعلامية التى استهلكتهم فى الدعاية لحكم البيادة، زاعمين أنهم يدافعون بتأييدهم لشفيق عن الدولة المدنية.
لقد احترمت كل من شعر بأن كلا المرشحين لا يمثلانه فامتنع عن التصويت أو ذهب فأبطل صوته، كما تفهمت موقف من أعلن أن مصالحه تستوجب التصويت لشفيق رغم إدراكه لفداحة هذا الاختيار على الوطن.. لكنى عجزت عن بلع من تجاهلوا تصريحات شفيق نفسه التى أوضح فيها للناس حقيقة موقفه، ولم يزعم فيها مناصرته لما يسمونه بالدولة المدنية.
لقد كان شفيق مخلصًا كل الإخلاص فى أثناء حملته الانتخابية لتراث حسنى مبارك، ولم يستح فى هذا الصدد أن يعلن التصريح الكارثى اللعين الذى جعلنى أتعهد بأن أقاوم انتخابه بكل ما أوتيت من قوة.
هذا التصريح الذى قال فيه على بلاطة إن حسنى مبارك هو قدوته ومثله الأعلى فى الحياة! لقد أذهلنى هذا التصريح، لأن أى أحد مكان شفيق كان ليخفى هذا التوجه والميل فى أثناء الانتخابات، إلا إذا كان واثقًا أن حملة الترويع وافتعال الأزمات قد أثمرت، وأن المخدر الذى قامت النعال الإعلامية برشّه على الناس كل مساء قد أفقدهم معظم الوعى.
إن كون المجرم مبارك هو قدوته لا يعنى إلا أن حكم شفيق فى ما لو نجح لن يصل بنا فى أحسن الأحوال إلا إلى ما وصل إليه سيده وأستاذه.. ولا يخفى أن التلميذ مهما بلغ اجتهاده لا يستطيع أن يلحق بالأستاذ ويؤدى مثله إلا بعد سنين طويلة من المحاولة والجهد.. يعنى بالعربى الرجل يعدنا بالمزيد من النهب والسطو على المال العام على سُنة المخلوع، ويعدنا باستمرار سياسة التسول من البلاد العربية واستباحة كرامة المصرى فى الداخل والخارج، ويبشرنا بأن إسرائيل ستكون لها اليد العليا فى كل أمور البلاد، ويؤكد لنا أن القضاء لن ينصلح حاله وستظل عصمته فى يد السلطة التنفيذية، وأن الزج بالأبرياء فى السجون لن يتوقف وإهانة المواطن على يد الشرطة ستستمر وفرض هيمنة مباحث أمن الدولة على البلاد ستطول وتمتد.
كل هذا كان واضحًا عندما أعلن شفيق أن اللص القاتل مبارك هو قدوته ومثله الأعلى.. ومع ذلك وجدنا أناسًا لا تستحى تخرج على الناس تطالبهم بالتصويت له من أجل الدولة المدنية!.. ولا أدرى أى دولة مدنية يتحدثون عنها على يد رجل ملوثة يداه بدماء الشهداء والجرحى فى موقعة الجمل؟ وما هو موقع المدنية من تهريب رشيد وحسين سالم وبطرس غالى ومنير ثابت وغيرهم ممن تطلبهم المحاكم ومعهم فلوس مصر؟ وأين تقع المدنية بالضبط من رجل لجأ إلى أسلوب إجرامى فى الحصول على أصوات الناس، فوعد كل من قام بتجريف الأرض الزراعية وبنى على أخصب أرض فى العالم بالمسامحة والتصالح، وهو الأمر الذى جلب له مئات الآلاف من أصوات الذين شرعوا فى تخريب الأرض والبناء الفورى، استغلالًا لوعده المشؤوم.
كل هذا كان واضحًا ولا يخفى على أحد، ومع هذا فقد سعت الجوقة الملعونة إلى الضحك على الناس ومحاولة إقناعهم بأن شفيق هو من سينقذهم من الفاشية الدينية ويقيم قواعد الدولة المدنية.
وحتى بعد أن اتضحت النتيجة ونشر أنصار مرسى محاضر الفرز موقّعة من القضاة بما يؤكد فوز مرشحهم، فإنهم أعلنوا على غير الحقيقة فوز الشفيق، وأصروا على المضى فى الكذبة، وسعوا جاهدين لإقناع المجلس العسكرى بتزوير النتيجة، وتمنوا لو تستجيب اللجنة الرئاسية لرجائهم وتعلن فوز المرشح الخاسر.
وعندما نجح الضغط الشعبى والدولى فى إعلان النتيجة الحقيقية بفوز مرسى، فإنهم لم يخرسوا وإنما اتهموا المجلس العسكرى بتزوير النتيجة لصالح الإخوان المسلمين، وأذاعوا أن المجلس تواطأ مع الأمريكان لإقصاء الشفيق الفائز! كل ذلك فعلوه دون أن يجرؤوا على تقديم أى محاضر قضائية تثبت دعاواهم. واليوم بعد أن دخل الرئيس المنتخب القصر الرئاسى رغم أنفهم فإن تآمرهم عليه لم يتوقف، ومحاولة استغلال المنابر الإعلامية المنحرفة فى تشويهه لم تهدأ.
وحتى بعد أن اتخذ قرارًا صائبًا بإلغاء القرار الإدارى للمجلس العسكرى بحل مجلس الشعب دون المساس بحكم المحكمة الدستورية، فإنهم أقاموا مناحة على دولة القانون التى يهدمها الرئيس مرسى! أى دولة قانون وقد سكتم على تهريب الأمريكان المتهمين فى قضية التمويل الخارجى رغم أنف المحكمة؟ أى قانون وقد تمنيتم أن يزوّر القضاة الانتخابات لصالح شفيقكم الخاسر؟ تبًّا لكم يا ولاد الرقاصة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق