الأحد، 15 يوليو 2012

وائل قنديل و تسليم السلطة

عساكر الهجانة يحمون الدولة المدنية

أضف تعليقك تعليقات : 0
نشر فى : الأحد 15 يوليو 2012 - 8:00 ص
آخر تحديث : الأحد 15 يوليو 2012 - 8:00 ص
لا يبدو فى الأفق أن المجلس العسكرى عازم على تسليم السلطة للرئيس المنتخب.. وكل ما يدور على الأرض الآن ينطق بأن هناك رغبة محمومة فى حرق الرئيس الجديد بأقصى سرعة، باستخدام الأدوات ذاتها التى كان يستخدمها مبارك الأب والابن فى نسف الجسور تحت كل من يفكر فى تغيير الأوضاع فى مصر.

والخطر الحقيقى فى الحرب الباردة التى يتعرض لها الرئيس الجديد هو إقحام جهات ومؤسسات بالدولة، يفترض أنها مستقلة ومحايدة فى أتون الصراع، الأمر الذى يهدد بانفجار الأوضاع فى مصر على نحو يجد فيه المواطنون أنفسهم يعيشون فى أكثر من دولة، وتحت حكم أكثر من سلطة.

غير أن الخطر الأكبر هو استدراج مؤسسة القضاء لتكون طرفا فى حرب لا تخصها، ومن شأن ذلك اغتيال مساحات ثقة المواطن فى وجود عدالة حقيقية، إذ لم تكد تنطفئ نار الشك والريبة فى المحكمة الدستورية العليا، بعد حكمها بنسف البرلمان، ثم إلغاء قرار رئيس الجمهورية بعودته، حتى أفاق الجميع على قرار مفاجئ بتبكير نظر دعاوى تطالب بإبطال تشكيل الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، بعد غد الثلاثاء بدلا من الرابع من سبتمبر المقبل.

وتجىء هذه الخطوة فى وقت بدت فيه تأسيسية الدستور أكثر مرونة وانفتاحا على كل التيارات والأفكار، وأكثر توافقا حول القضايا الإشكالية فى مواد الدستور، وبشكل خاص المادة الثانية.

وبعد أن عبرت اللجنة نفق المادة الثانية متجاوزة أزمة «الأحكام والمبادئ» واستشعر الجميع أن نسمات من الهدوء والتوافق تأتى من داخل اللجنة، نشط قطاع الطرق فى إثارة الغبار وافتعال الشجار لقتل أية فرصة أو بادرة تشير إلى أن الجمعية التأسيسية قادرة على التوصل لصياغة دستور توافقى يعبر عن جوهر الحالة المصرية، بمعزل عن وصاية المجلس العسكرى، الذى اختطف السلطة التشريعية فى جنح الظلام، وقبل إعلان اسم الرئيس المنتخب بساعات.

وبالتزامن مع هذه التطورات تنشط فرق الهجانة التى كان يستخدمها النظام الساقط فى تصنيع العبوات الناسفة وإلقائها من فوق أسطح البنايات كلما بدا أن القوى الوطنية تقترب من الخروج من معضلة الدستور الجديد.

وغير بعيد عن ذلك يعاد عرض أفلام الرعب القديمة، لإثارة الهلع من التحرشات الأجنبية بأمن مصر القومى، ومحاولة اللعب بعقول الناس بالحواديت العبيطة عن مخاطر هدم الجيش وإضاعة البلد، وغير ذلك من سيناريوهات تتعامل مع الشعب وكأنه مجموعة من الأطفال فى ملجأ للأيتام.

وبموازاة ذلك يتم استدعاء سلاح «شنطة سلع رمضان» وسط زفة بلدى، تقدم المجلس العسكرى فى صورة «فتوة الحارة» الذى يطعم أهلها ويؤمنهم ويحميهم من أوغاد الخارج وأشرار الداخل.

وكل هذه الفقرات الطريفة فى هذا السيرك القومى تصب فى اتجاه بقاء المجلس العسكرى، دولة أعلى من الدولة المصرية، وسلطة فوق كل السلطات، بحجة حماية مدنية الدولة، بما يجعل «تسليم السلطة» مجرد شعار خادع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق