الخميس، 25 أبريل 2013

ما أنتم إلا أشباه رجال

والأهم من نزول السن هو الإرتقاء بالقيم والأخلاق والعدل
ـــــــــــــــــ الحقيقة الغائبة حول "سن تقاعد" القضاة ـــــــــــــ
تثور أكاذيب كثيرة حول قضية "سن تقاعد القضاة" حيث يتعمد البعض خلط الأمور وإظهار أن "مد السن" هو من مكتسبات القضاء ويجب الحفاظ عليها، وأنه لا يمكن للقضاء أن يعمل إذا تقرر خفض السن، كما يقول البعض أن "التطهير العمري" لن يؤثر كثيرا في إصلاح القضاء..
كل هذا الخلط يجعلنا نعود بالذاكرة لنعرف كيف تطور سن التقاعد، وما هو موقف القضاة في ذلك الوقت من هذه القضية..

كان سن نهاية الخدمة للقضاة 60 سنة حتى العام 1993م حيث تم زيادتها إلى 64 عاما، ثم إلى 66 عاما في عام 2002، ثم إلى 68 عاما، ثم إلى 70 عاما في 2007م، وفي عام 2010م حاول البعض أن يمدد السن إلى 72 عاما، لكن انفجرت معارضة قوية من القضاة أنفسهم أجبرت مبارك على التراجع وإلغاء الفكرة...
بذلك يتضح لنا أن مد سن التقاعد هو أحد الطرق التي اتبعها مبارك لاحتواء القضاء والسيطرة عليه، وضمان ولاء القضاة لسياساته..
وقد يستغرب كثيرون عندما يعلمون أن أغلبية القضاة في ذلك الوقت كانوا يرفضون مد سن التقاعد، حتى أن أربع جمعيات عمومية لنادي القضاة عقدت أعوام 1998 و2000 و2001 و2005 عارضت مد سن الخدمة.
بل في إبريل 2007م، عندما تسربت أخبار مد السن إلى 70 عاما، أرسل آلاف من القضاة برقيات احتجاج إلى رئاسة الجمهورية للاعتراض على القانون.
ولعب تيار الاستقلال في ذلك الوقت دورا كبيرا في مواجهة المد إلى سبعين عاما، وقال المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة وقتها:" المعركة ستظل مستمرة وسنظل نُذكر دائماً بما فعلته الدولة والنظام في مسألة رفع سن تقاعد القضاة وقهرهم وفرض قانون لا يرضون عنه عليهم"..
وعقد نادي القضاة اجتماعا طارئا وهدد بالتصعيد في حال تمت الموافقة على المد..

والغريب أن المستشار أحمد مكي كان يعارض بشدة في ذلك الوقت المد إلى 70 عاما، وقال مفسرا أسباب اعتراضه:" القضية بالنسبة لنا دائمة ومستمرة منذ أن بدأناها في 22 نوفمبر 1990 حين لفتنا النظر إلي أن الحكومة تستعمل رفع السن كسلاح ومحاولة لإخضاع أعضاء مجلس القضاء الأعلى"، وأضاف مكي: " لم يكن ساعتها قد تم اتخاذ قرار رفع السن، ولكن كان هناك تلويح به لأعضاء مجلس القضاء الأعلى، خاصة أن أعضاءه دائما ما يكونون مقاربين لسن المعاش، ولا يوجد إنسان يقال له سوف نمد لك في العمل إلا ويصيبه الضعف"..

إذن لا صحة مطلقا للقول بأن "التطهير العمري" هو مجرد إجراء غير مؤثر، وإلا ما كان نظام مبارك قد اهتم به لهذه الدرجة، وما كان القضاة قد ثاروا ضده وقتها بهذه الصورة..
ومن الملاحظات المهمة، أن القول بأن تخفيض السن دون موافقة القضاة يطعن في شرعية القرار، يجب أن ينسحب بأثر رجعي على مد السن إلى 70 عاما في 2007م الذي تم دون موافقتهم أيضا..
كذلك فإن قرار المد إلى السبعين يُعد ساقطا من الناحية التشريعية، لأنه صدر بالتزوير الواضح في ذلك الوقت، فقد كان عدد أعضاء الحزب الوطني الذين حضروا التصويت يومها 130 عضوا، بينما أعلن فتحي سرور رئيس المجلس أن 248 عضوا صوتوا بالموافقة، وعارضه 90 نائبا من الإخوان المسلمين، والمستقلين..
يعني خلاصة الأمر، أن قرارات مد سن التقاعد صدرت من: نظام فاسد، وبآلية فاسدة، ولأجل تحقيق أغراض فاسدة..
فهل نحن مجبرون على الحفاظ على تركة مبارك؟..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق