السبت، 22 ديسمبر 2012

استفت قلبك

مرة أخرى: استفت قلبك فقط

السبت 22 ديسمبر 2012 - 8:00 ص
ليست معركة من أجل الدستور، بل هى معركة باستخدام الدستور.

الدستور هنا ليس غاية، بل وسيلة أو أداة لصراع عنيف يختلط فيه السياسى بالاقتصادى بالاستثمارى، وكل هذه البكائيات على مصر المنقسمة المتشرذمة المنشطرة، حسب وصف علماء الجبر الجدد الذين يقولون بكل ثقة إن ٤٣ تساوى ٥٧، تخفى وراءها مآرب وأغراضا أخرى.

ونظرة واحدة على تشكيلات جيوش معركة (لا) كفيلة بالإجابة على سؤال: لماذا كل هذه السخونة والتوتر فى إدارة الصراع.

إن من جنرالات المعركة من يحاول تصويرها على أنها حالة ثورية، لكنك حين تنظر فى وجوههم وتستدعى سيرتهم القريبة جدا ستكتشف أنهم هم أنفسهم كانوا عساكر هجانة نظام مبارك الذين حاربوا ضد الثورة حتى آخر نقطة حبر فى أقلام جبلت على نفاق الوريث، وآخر موجة أثير أوجدت لكى تقاوم الثورة وتسقطها.. هؤلاء الذين ستجد حكاياتهم فى كتاب للزميل أشرف عبدالشافى بعنوان «البغاء الصحفى» يرتدون مسوح الثوار الآن ويتبادلون أنخاب الغزل فيما بينهم مقدمين أنفسهم باعتبارهم فرسان الحقيقة والوطنية، رغم أن حبر تحريضهم على الثوار لم يجف بعد.. ما عليك إلا أن تراجع تخرصاتهم فى أحداث محمد محمود الأولى ومجلس الوزراء وأكذوبة حرق المتظاهرين للمجمع العلمى.

فى الصورة أيضا خليط عجيب من أصوات الثورة وأبواق اللاثورة، فى حالة عناق صنعت بعناية فى ورش الزيف والتضليل داخل معسكر حرق المرحلة وإحراق أرضية الملعب وإثارة الغبار والدخان، وافتعال أجواء ثورية للاختباء داخلها بغية غسيل السمعة ومحو الصور القديمة، واختلاق طلة جديدة أو «نيولوك» مختلف، اعتمادا على أن ذاكرة الناس أصابها الإنهاك فصار من الممكن أن تستقبل الصور الجديدة وتثبتها مكان القديمة.

إنهم وهم يقومون بشحنك وتعبئتك كى تقول «لا» فى الاستفتاء على الدستور يمارسون عليك أيضا إرهابا وتفزيعا وابتزازا بقولهم إنه إذا جاءت النتيجة «نعم» لن يسكتوا ولن يسلموا لإرادتك، بل إن مصر ستتحول إلى إطلال حريق هائل.

وفى مقابلهم هناك من يحاول إقناعك بأن «لا» هى المحرقة الشاملة، ونهاية العالم، وكما قلت لك فى الجولة الأولى من الاستفتاء فإن «نعم» ليست طريقا إلى الجحيم والظلام، كما أن «لا» ليست جسرا للخطر والهلاك.

إن الدستور الذى تصوت عليه ليس الشر المطلق، ولا هو الخير العميم، هو وثيقة صنعها بشر فى محاولة لتنظيم حياة هذا الوطن، بها عيوب كما أن فيها مزايا، أنت وحدك القادر على تقييم منافع الدستور ومضاره، ولذا قل فيه ما يمليه عليك ضميرك.. واستفت قلبك ولا تجعل أحدا يستعملك لمصلحته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق