السبت، 22 ديسمبر 2012

الثورة العميقة

دولة عميقة ممكن.. ثورة عميقة لا

الأربعاء 19 ديسمبر 2012 - 9:15 ص
إذا كان استسلام نظام منتخب جاء بعد ثورة لمنطق المزاوجة بين الجديد (الثورى) والقديم (الدولة العميقة) لاعتبارات الضرورة والمنفعة مسلكا مستهجنا، فإن لجوء قيادات ثورية لاستخدام السلاح ذاته يكشف عن عوار حقيقى فى مفهوم الثورة، ويعد خللا مخيفا فى بنيتها الأخلاقية والمنطقية.

وقبل الاستطراد فى التعليق على ما نشرته فى هذا المكان أمس للأستاذ المساعد فى قسم التاريخ سامر قنديل أنشر ما لم تتسع له المساحة من سطور رسالته التى يختتمها بالقول «بالرغم من التناقضات الظاهرة بين أحزاب وجماعات تيار الإسلام السياسى إلا أن الآونة الأخيرة كشفت عن نية حقيقية بالتوحد أمام كل القوى والتيارات السياسية المعارضة وإن كانت قد أخذت شكل الحشد للتأييد وإظهار القوة، ففى اعتقادى أنها ستتطور إلى تحالف انتخابى بغية مسح الطاولة الحزبية واكتساح الانتخابات البرلمانية القادمة لاسيما أن المعركة التى من الممكن أن تكون أخطر من معركة الدستور هى معركة القوانين المتممة والمفسرة له بالاضافة إلى إدارة التوازنات التى تسمح بتمرير تلك القوانين فضلا عن إدارة العملية السياسية برمتها.

وعلى هذا إن لم تستطع القوى الثورية أن تتخلص من تشظيها و«الإيجو» الذى يعتريها فسيتم سحقها إلى الأبد خاصة فى ظل الوضعين الاقتصادى والأمنى المترهلين. ليست المسألة خوفا من التيار الإسلامى بحد ذاته وإنما فى الرغبة فى إسكات صوت المعارضة للأبد أو لحين، والقضاء على التعددية، والانحياز للإجماع فرض فى مقابل الاختلاف رحمة وسنة».

انتهت سطور الرسالة وبقى التعليق عليها:

أولا: يمكن تخيل واستيعاب أن تنحو السلطة منحى براجماتيا، على اعتبار أن قيم المصلحة والمكسب هى المهيمنة على أداء الحكومات، غير أنه لا يمكن تخيل أن تكون هناك ثورة براجماتية، ذلك أن الثورة بالأساس عمل أخلاقى يجنح للرومانسية، وعليه لا يمكن تصور وجود «ثورة عميقة» على وزن «دولة عميقة»، وقد سجل كاتب هذه السطور موقفا واضحا ضد تركيبة أول حكومة تتشكل بعد انتخاب الدكتور مرسى واعتبرتها «حكومة عميقة لدولة ظريفة».

ثانيا: الحديث عن استدعاء الميدان للفلول على طريقة «عدو عدوى صديقى ولو كان عدوى» لا يصح أن يكون أمرا حتميا لمواجهة الإخوان وتيار الإسلام السياسى، لأن ذلك ينقل الميدان من كونه المدينة الفاضلة للثورة، إلى مجرد ملعب انتخابى أو ساحة سياسية تعتمد قوانين السوق ومهارات البيع والشراء والصفقات، فإن كان ذلك كذلك ليس من حق أحد هنا أن يدعى أنه يتحدث باسم الثورة أو أن ما يجرى هو امتداد للثورة، وسنحترمه أكثر لو مارس فضيلة الوضوح وأعلن أنه يلعب سياسة ومصالح، وأن ما يحركه هو قواعد السوق وليس مبادئ وقيم الحق والخير والجمال.

وهنا فقط يمكن أن أتفهم تعانق «زناديد القضاء» مع «زناديد الصحافة» والتطابق فى الخطاب بين «عكاشين الإعلام» و«عكاشين الأحزاب والنقابات».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق