الجمعة، 31 مايو 2013

إنتخابات الجيش,,,فهمي هويدي

فهمى هويدى.
فى أعقاب حرب عام ٧٣ ــ التى اعتبرها الرئيس السادات آخر الحروب ــ سمح لمهندسى القوات المسلحة سواء كانوا ضباطا أو مجندين بالتصويت والترشح لنقابة المهندسين، وهو ما كان محظورا عليهم فى السابق. وطوال الفترة بين عامى ٧٥ و١٩٨٥ هيمن ضباط القوات المسلحة على مجلس إدارة النقابة، وقد اكتسح المهندس عثمان أحمد عثمان المرشحين لمنصب النقيب فى عام ١٩٨١ لأنه تحالف مع القوات المسلحة التى كانت تحمل رجالها فى حافلات إلى لجان التصويت فى كل مرة لإنجاح الضباط المرشحين، وحين قرر الإخوان دخول الانتخابات بقائمة ضمت ١٧ عضوا فى سنة ١٩٨٥ فوجئ الجميع بأن أصوات القوات المسلحة ذهبت إلى قائمتهم التى نجحت كلها. حينذاك. وهو ما تكرر فى انتخابات النقابة عام ١٩٨٧، التى جرى الاعتراض فيها على تخصيص لجان للانتخابات داخل ثكنات القوات المسلحة، كانت نتائجها بداية النهاية لهيمنة ضباط القوات المسلحة على النقابة، وهو الوضع الذى لم يستمر طويلا، لأن النقابة وضعت تحت الحراسة وجمدت ابتداء من عام ١٩٩٣.
هذه القصة أسوقها لكى أنبه إلى أن السماح للعسكريين بالتصويت يمثل مغامرة كبرى، ليس فقط لأنه سيؤدى إلى إغراق الجيش والشرطة فى أوحال السياسة وإلهاء الطرفين عن مسئولياتهما الوطنية الأصلية، ولكن أيضا لأن نتائج التصويت فى تلك الحالة قد لا تحقق للداعين إليه مرادهم. وأزعم فى هذا الصدد أننا حين نحذر من أن إقحام العسكريين فى ساحة التجاذب السياسى لا يقلقنا كثيرا فيه تأثيرهم على العملية التصويتية، ولكن ما يزعجنا كثيرا هو أثر ذلك على الأوضاع والمهام الوطنية الجليلة التى يفترض أن تنهض بها القوات المسلحة والشرطة. ذلك أن فتح ذلك الباب من شأنه أن يحدث صراعا بين الحقوق والنظم. إذ إن ممارسة حق التصويت ستكون على حساب النظم المستقرة لدى العسكريين فى القطاعين. ولك أن تتصور الأجواء فى داخل القوات المسلحة مثلا حين يتوزع الضباط على القوى السياسية المتصارعة، وحين يحدث ذلك بين الجنود، وكيف يمكن ان يؤثر ذلك على علاقة الطرفين، خصوصا فى ظروف الاستقطاب الحاد المخيم على الواقع المصرى.
ان الذين يتحدثون عن السماح للعسكريين بالتصويت فى الانتخابات فى بلدان أخرى مثل الولايات المتحدة وكندا يتجاهلون الفروق فى الأوضاع الاجتماعية والتحديات السياسية والاستراتيجية بيننا وبينهم، كما أنهم يتجاهلون واقع الإمكانيات والأساليب المستخدمة فى عملية التصويت لدى تلك البلدان ونظائرها فى بلادنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق